وَذُو انْتِصَابٍ فِي انْفِصَالٍ جُعِلَا ... إيّايَ والتَّفْرِيعُ، على هذا الأصل الذي ذكر وهو إيا ليس مشكلاً عليك يا طالب العلم؛ لأن المسألة سماعية –نقل-، فحينئذٍ ترجع إلى كتب أهل العلم فتنظر فيها فإذا بها اثنا عشر (إيايَ) للمتكلم وحده، و (إيانا) للمتكلم المشارِك أو المعظَِم نفسه، و (إياك) للمخاطب، و (إياكِ) للمخاطبة، و (إياكما) للمخاطبين أو المخاطبتين، و (إياكم) للمخاطبين، و (إياكن) للمخاطبات، و (إياه) للغائب، و (إياها) للغائبة و (إياهما) للغائبين أو الغائبتين و (إياهم) للغائبين و (إياهن) للغائبات.
إذاً تلخص من هذا أن الضمير بنوعيه المتصل والمنفصل: خمسة أنواع: مرفوع متصل، مرفوع منفصل، منصوب متصل، منصوب منفصل، ومجرور ولا يكون إلا متصلاً، هذه كم؟ خمسة أنواع.
مرفوع متصل: قمتُ، مرفوع منفصل: (أنا)، منصوب متصل، منصوب منفصل.
إذاً كل من المتصل والمنفصل يكون مرفوعاً ومنصوباً، هذه أربعة، مرفوع متصل، مرفوع منفصل، منصوب متصل، منصوب منفصل، بقي ماذا؟ ما انفرد به المتصل وهو في محل جر.
وأما مجرورٌ منفصل هذا لا وجود له، إلا (أنا كأنت)، وهذا كلام ركيك.
إذاً ما ذكرناه هو العمدة.
وَفِي اخْتِيَارٍ لاَ يَجِيءُ المنُْْفَْصِلْ ... إِذَا تَأَتَّى أَنْ يَجِيءَ المُتَّصِلْ
هذه قاعدة في باب الضمائر، بعدما عرفنا أن الضمير متصل وأن منه منفصل، حينئذٍ إذا جاء تركيب وأمكن أن نأتي بالمنفصل لا يجوز لك أن تعدل عنه إلى المنفصل، إذا أمكنك أن تأتي بمنفصل ومتصل حينئذٍ لا يجوز لك لغة أن تأتي بالمنفصل وتعدل عن المتصل.
وَفِي اخْتِيَارٍ: يعني: لا في حال الضرورة وإنما هو في سعة الكلام وفصاحة الكلام.
لَا يَجِيءُ -الضمير- المنُْْفَْصِلْ: المنفصل ما إعرابه؟
التقدير قد يكون تقدير إعراب وقد يكون تقدير معنى، فنقول: لا يجيء الضمير المنفصل، هذا تقدير معنى، والمنفصل من حيث اللفظ فاعل مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون الروي، هذا الذي أردته، فاعل مرفوع، أليس كذلك؟
فحينئذٍ إذا كان الفاعل مرفوع ولو ما نطقت به، في حال الوقف كل الحركات تقدر، ومن الغلط تقول: جاء زيد، اعرب زيد؟ زيد فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره! هذا مثل المسجل، غلط هذا، وإنما تقول: جاء زيد، زيد فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة، إعرابه تقديري ليس بظاهر؛ لأن الحركة إنما تكون في حالة الوصل، وأما في حالة الوقف فالعرب لا تقف إلا على ساكن، فإذا وقفت على كلمة لا تعربها أبداً إعراباً ظاهراً، وإنما تعربها إعراباً مقدراً –انتبه-، جاء زيد، زيد فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة؟ لا. غلط، أين الضمة الظاهرة؟ وإنما هي ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الوقف؛ لأن العرب لا تقف إلى على ساكن.
كذلك رأيت زيد على لغة ربيعة نفس الكلام، مررت بزيد. نقول: هذا زيد كذلك مجرور وجره كسرة مقدرة على آخره ..
هنا المنفصل وقف عليه بالسكون، حينئذٍ نقول: الضمة مقدرة، لكن ليس سكون الوقف وإنما هو سكون الروي.