جُعِلا إيّايَ: جُعِلا الذي هو المنتصب، المنفصل إيّايَ، والتَّفْرِيعُ لَيْسَ مُشْكِلاَ: ليس ملتبس كما هو الشأن في ذي ارتفاع.

لكن هنا ذكر إياي فحسب، هناك قال: أنت، هو، (نحن، أنا، وهو، وأنت)، مثل للثلاثة الغائب، والمتكلم، والخطاب.

هنا قال: إياي ولم يقل: إياك وإياه، لم يقل: إياي وإياك وإياه؛ لأن اللفظ واحد، اللفظ متحد، وهذه إما ضمائر على خلاف، وإما أنها لواحق حروف.

إيّايَ: (إيا) هي الضمير، وما بعده لواحق، يعني زوائد حروف، فالياء والكاف والهاء حروف (إياه، وإياك، وإياي) الياء حرف، وإياك، الكاف حرف، وإياه، الهاء حرف، وهذا مذهب سيبويه، واعترض بأن حد الضمير ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب، وإيا وحدها لا تفيد، ما هو حد الضمير؟

فَمَا لِذِي غَيْبَةٍ اوْ حُضُورِ ... كَأَنْتَ وَهْوَ سَمِّ بِالضَّمِيرِ

فهل ينطبق على إيا؟ لا ينطبق؛ لأن إيا وحدها لا تدل لا على غائب ولا على حاضر ولا على متكلم، فكيف نقول: هي ضمير؟ لا يصدق عليها الحد، وإيا وحدها لا تفيد ذلك، وأجاب بأن إيا مشتركة بين الثلاث التي هي المتكلم والمخاطب والغائب وضعاً، واللواحق تميز بين ذلك.

إذاً ما جيء بهذه الحروف إياه وإياك وإياي إلا من باب التمييز، فهو حرف زائد قصد به تمييز إيا، ما المراد به؟ يحتمل، فهو لفظ مشترك.

المذهب الثاني: أن اللواحق هي الضمائر، وإيا حرف عماد، يعني العكس، إياه الهاء هو الضمير، إياي الياء هو الضمير، إياك الكاف هو الضمير، وإيا حرف عماد، يعني يتكئ عليه.

وهذا مذهب جماعة من البصريين والكوفيين واختاره أبو حيان.

ثالثها: أن إيا وما بعدها ضمير أيضاً كلاهما، إيا ضمير، والياء ضمير، إيا ضمير والكاف كذلك والهاء، وقد أضيف أولها إلى ثانيهما، وهذا مذهب الخليل واختاره ابن مالك، لكنه ضعيف جداً؛ لأن الإضافة من خواص الأسماء؛ إذ لو قيل بالإضافة حينئذٍ عارض الشبه الذي قررناه أولاً ما هو من خصائص الاسم، حينئذٍ الأصل ألا يقال بأنها مبنية، كيف يقال: إنها مضافة وملازمة للإضافة، ثم بعد ذلك تبقى مبنية؟ إن قالوا: وجه الشبه موجود، نقول: عارضه ما هو من خصائص الأسماء، كما هو الشأن في اللذان واللتان قلنا: هذه الأصل أنها مبنية لوجود وجه الشبه -الافتقار أو نحو ذلك-، حينئذٍ لما جاءت على صورة المثنى أو مثنىً حقيقةً حينئذٍ عارض ذلك الشبه ما هو من خواص الأسماء فرجعت إلى الأصل وهو الإعراب، إيا، والكاف إذا قلنا ضمائر أضيف الأول إلى الثاني إذاً صارت مضافة، مثل أي الشرطية، وأي الاستفهامية .. هذه خرجت عن كونها مبنية، أسماء الشرط كلها مبنية إلا إيا، ((أَيّاً مَا تَدْعُو)) نقول: هذه معربة، لماذا؟ لأنها ملازمة للإضافة والإضافة من خواص الأسماء فقد عارض وجه الشبه ما هو من خصائص الأسماء فهذا ضعيف وهو الذي اختاره ابن مالك رحمه الله تعالى والخليل.

ورابعها: أن إي اسم ظاهر مضاف لما بعده، وما بعده هو الضمير وهذا مذهب الزجاج، نفس الأول لكن الضمير هو الثاني، ومذهب سيبويه هو المرجح أن إيا لوحدها ضمير، وبقيت الحروف هذه أو الوصلات تعتبر أحرف ليست بضمائر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015