(أنا) مر معنا أن الضمير قد يقع وقد يوجد ويوضع على حرف، وقد يوضع على حرفين، وقد يوضع على ثلاثة أحرف .. إذاً مذهب الكوفيين أن الاسم المجموع على الأحرف الثلاثة، وأما هو فمذهب البصريين أنه بجملته ضمير، الهاء والواو هو كله ضمير، وكذلك هي.
ومذهب الكوفيين الهاء من (هو، وهي) الضمير، الهاء فقط، وأما الواو والياء هذا إشباع. هو، هي قالوا: الياء هذه إشباع للكسرة.
وأما هما وهم وهن فمذهب البصريين أن الميم والألف في هما والميم في هم والنون في هن حروف زائدة، والضمير الهاء فقط، حينئذٍ لا يلتفت إلى كون الكلمة كلها هي الضمير، هما الضمير هو الهاء، والميم هذه حرف عماد، والألف هذه دالة على التثنية؛ لأنهم قالوا: الأصل (إنه) هذا الأصل فيه، ضمير متصل، ثم لما انفصل أشبع واواً وصار هو.
حينئذٍ الواو هذه ليست أصلية عندهم، فإذا ألحق به ما يدل على التثنية أو يدل على الجمع حينئذٍ جعلوه حروفاً زوائد ورجعوا إلى الأصل، ولو قال: كلها كما هي تسمع وهي ضمائر وتبنى على آخرها لكان أريح.
ومذهب البصريين أن: (أنت، أن) هي الضمير (أنت) والتاء هذا حرف خطاب، نقول: (أن) هي الضمير عند البصريين، والتاء للخطاب، وأنتما (أن) ضمير منفصل، والتاء للخطاب، والميم والألف للتثنية.
ومذهب الكوفيين أن الجميع ضمير أنت كلها ضمير، وهذا أحسن.
ومذهب ابن كيسان أن الضمير التاء فقط، وكثرت بـ (أن) أنت التاء هي الضمير، و (أن) هذا من باب التكثير -زيادة توصية-، أنت التاء هذه هي ضمير، وأن هذه زيادة.
على كل هذه اجتهادات ونظر، والأصل أنه ما سمع يبقى كما هو.
وَذُو ارْتِفَاعٍ وَانْفِصَالٍ أَنَا هُوْ ... وَأَنْتَ وَالفُرُوعُ لاَ تَشْتَبِهُ
إذاً البارز ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل يكون مرفوعاً ومنصوباً ومجروراً وسبق الكلام على ذلك.
والمنفصل: يكون مرفوعاً ومنصوباً ولا يكون مجروراً.
وذكر المصنف في هذا البيت المرفوع المنفصل وهو: اثنا عشر (أنا) وهذا له فرع واحد، وهو للمتكلم وحده، و (نحن) للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه، نحن كتبنا مثلاً يكون معنا واحد؟ يكون فاعلون، وأما إذا كان معظم نفسه نحن فعلنا كذا وكذا، حينئذٍ يحتمل هذا ويحتمل ذاك، هل هو مجاز في الثاني أو لا؟ محل خلاف.
(وَأَنْتَ) وهذا له أربعة فروع: أنتَ للمخاطب، وأنتِ للمخاطبة، وأنتما للمخاطبين أو المخاطبتين، وأنتم للمخاطبين، وأنتن للمخاطبات.
و (هو) للغائب وله أربعة فروع: "هي" للغائبة و "هما" للغائبَين أو الغائبتين، و"هم" للغائبين و"هن"للغائبات.
ثم قال:
وَذُو انْتِصَابٍ فِي انْفِصَالٍ جُعِلا ... إِيّايَ وَالتَّفْرِيعُ لَيْسَ مُشْكِلاَ
هذه كلها عبارات ليس فيها كلام كثير.
وَذُو انْتِصَابٍ: إنما المراد بها التعداد، سيأتينا أبيات كثيرة على هذا المنوال سنمشي فيها إن شاء الله.
وَذُو انْتِصَابٍ يعني: ضمير منتصب، فِي انْفِصَالٍ، هناك قال: وَذُو ارْتِفَاعٍ وانْفِصَالٍ، وهنا قال: فِي انْفِصَالٍ، ما المراد؟ من باب التفنن فحسب.
وَذُو انْتِصَابٍ فِي انْفِصَالٍ: أي: في حال انفصال.
قال هنا: في انفصال، وفيما سبق: وانفصال من باب التفنن كما قال الصبان.