وحكمه: أنه يُرفع بالضَّمة نحو: جاء أحمدُ، وينصب بالفتحة نحو: رأيت أحمدَ، ويجر بالفتحة أيضاً نحو: مررت بأحمدَ، فنابت الفتحة عن الكسرة هذا إذا لم يضف، أو يقع بعد الألف واللام لو قال (أل) لكان أحسن.
فإن أُضيف جُرَّ بالكسرة نحو: مررت بأحمدِكم، وكذا إذا دخله الألف واللام يعني (أل).
إذن في هاتين الحالتين يَرجع إلى أصله، إن أُضيف أو تَبِع (أل) حينئذٍ عارَض شَبَه الفعل ما هو من خواص الأسماء، عارض الفعل ما هو من خواص الأسماء؛ لأن الفعل لا يَدخل عليه (أل) ولا يُضاف فإذا وقع للاسم شبه بالفعل أُلحق به، حينئذٍ أُلحق به في منع التنوين والكسر؛ لأن الفعل لا يجرُّ ولا يدخله تنوين، حينئذٍ انتقل حكمه إلى الاسم الذي أَشْبَهَهُ، إذا أُضيف الاسم الذي أشبه الفعل حينئذٍ نقول: عارَض الشبه ما هو من خواص الأسماء، فرجع إلى أصله.
وكذلك (أل) من خواص الأسماء، إذا دخلت على الاسم الممنوع من الصرف حينئذٍ عارضت الشَّبه الذي في الاسم بالفعل فرجع إلى أصله.
ظاهر كلام المصنف هنا رحمه الله تعالى أن ما لا ينصرف إذا أُضيف أو تبع (أل) يكون باقياً على منعه من الصرف، وهذه مسألة فيها نزاع؛ لأن قوله: مَالَمْ يُضَفْ قيد للجر بالفتح، لا لمنع الصرف؛ لأنه قال: وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ مَالا يَنْصَرِفْ مَالَمْ يُضَفْ، (ما لم) هذا قيد، قيد لأي الجزأين: ما لا ينصرف أو جُرَّ بالفتحة؟
قَيْدٌ للأول ظاهره جُرَّ بالفتحة مدة عدم إضافته، لو كان قيداً للثاني مَالا يَنْصَرِفْ مدة كونه غير مضاف حينئذٍ قلنا: إذا أُضيف أو دخلت عليه (أل) صار مصروفاً، لكن ظاهره قيد للجزء الأول، وهو جُرَّ بِالْفَتْحَةِ مَالَمْ يُضَفْ فإن أُضيف رجع إلى الأصل، وحينئذٍ مَالا يَنْصَرِفْ بقي على وصفه كما هو: مررت بأحمدِكم نقول: أحمد ممنوع من الصرفجُرَّ بِالْفَتْحَةِ، مَالَمْ يُضَفْ، هنا أُضيف إذن هو ممنوع من الصرف على أصله فلما أُضيف رجع إلى الجر بالكسرة.
وأما كونه منصرفاً أو غير منصرف فهو على الأصل، هذا ظاهر عبارة المصنف رحمه الله تعالى؛ لأن قوله: مَالَمْ يُضَفْ قَيْدٌ للجر بالفتح لا لمنع الصرف، يعني: لا لقوله مَالا يَنْصَرِفْ، فأفاد كلامه أنه إذا أُضيف غير المنصرف أو تلا (أل) امتنع جرُّه بالفتح مع بقاءه غير منصرف، هذا ظاهر كلامه.
وذهب جماعة كالمبرِّد والصيرافي وابن السرَّاجي إلى أنه يكون منصرفاً مطلقاً وهذا الأقوى، واختار الناظم في بعض كتبه أنه إذا زالت منه علة، فمنصرف نحو: بأحمدِكم، وإن بقيت العلتان فلا، نحو: بأحسنكم، يعني: إذا أُزيلت إحدى العلتين فهو باقٍ على المنع من الصرف، ومثَّل له بأحمدِكم.
وإذا بقيت العلتان فلا، نحو: بأحسنِكُم، ما الفرق بين: بأحمدِكم وبأحسنِكم؟ بأحمدِكم هذا في الأصل ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، فيه علتان: لما أُضيف -العلم لا يُضاف- فلما أُضيف قصد تنكيره فزالت العلمية فصار فيه وزن الفعل، إذن بقيت فيه علة واحدة، وأما بأحسنِكم، أحسن هذا أَفْعَل التفضيل ووصفٌ، لما أُضيف هل زال كونه أَفْعَلَ التفضيل؟ لا، هل زال وصفه؟ لا، إذن بقي فيه العلتان.
وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ مَالاَ يَنْصَرِفْ ... مَالَمْ يُضَفْ أَوْيَكُ .....