وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ مَالا يَنْصَرِفْ، وهو ما فيه علتان من علل تسع: كأحسن، أو واحدة منهما تقوم مقام العلتين كـ (مساجد) و (صحراء).
اجْمَعْ وَزِنْ عَادِلاً أنِّثْ بِمعْرِفَةٍ ... رَكِّبْ وَزِدْ عُجْمَة فالْوَصْفُ قَدْ كَمُلاَ
لأنه شابَه الفعل فثَقُل، الاسم الذي مُنع من الصرف وجد فيه علتان أو علة واحدة تقوم مقام العلتين، حينئذٍ ثَقُل الفعل فلم يدخله التنوين؛ لأنه علامة الأخف عليهم والأمكن عندهم، فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين لتآخيهما في اختصاصهما بالأسماء، فلما منعوه الكسرة عوَّضوه منها الفتحة، نحو قوله تعالى: ((فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا)) [النساء:86]، وهذا كله سيأتي شرحه في محله.
إذاً مَالا يَنْصَرِفْ الصرف هو التنوين، وهل الذي مُنِع من الصرف هو التنوين فحسب أم التنوين والكسر؟ هذا فيه قولان والمشهور أنه مُنِع الكسر مع التنوين.
قال: مَالَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ ألْ رَدِفْ، بيَّن لنا حكم الجر فحسب، وسكت عن الرفع والنصب، لماذا؟ لأنَّه جاء على الأصل، رُفع بالضمة ونُصِبَ بالفتحة، جاء أحمدُ، ورأيت أحمدَ، ومررت بأحمدَ، حينئذٍ أحمدُ مُنع من الصرف -وهو التنوين- ورأيت أحمدَ مُنِع من الصرف وهو التنوين، ومررت بأحمدَ مُنِع شيئان وهما: التنوين والكسرة، وهذا كله سيأتي شرحه في محله.
مَالَمْ يُضَفْ، (مَا) هذه ليست موصولة، بل هي حرفية ظرفية مصدرية، يعني: تضاف إلى ما بعدها.
وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ (الذي) لا يَنْصَرِفْ، -لا يدخله التنوين والكسر- مدة كونه غير مضافٍ والقاعدة هنا: المصدر إذا اشتمل على نفيٍ مثل هذا الذي معنا، مَا لَمْ يُضَفْ مدة عدم إضافته، المصدر إذا اشتمل على نفي فإنه عند سبكه يقدَّر بلفظ عدم: (يعجبني أن لا تهمل)، أي: عدم إهمالك، مَالَمْ يُضَفْ، أي: مدة عدم إضافته، حينئذٍ جئنا بكلمة (عدم) من النفي؛ لأن النفي قُصِد به العدم هذا الأصل فيه، حينئذٍ إذا جئنا نَسْبِك المصدر ونأتي بالأصل، ونأتي ببدل عن (أن) أو (ما) وما دخلت عليه نأتي بلفظ عدم، مَا لَمْ يُضَفْ، أي: مدة عدم كونه غير مضاف.
أَوْ يَكُ بَعْدَ ألْ رَدِفْ، يعني: ألا يكون تابعاً لـ (أل)، إذن يُجَرُ بالفتحة إلا إذا دخلت عليه (أل)، حينئذٍ يرجع إلى أصله، يُجر بالفتحة نيابة عن الكسرة مدة عدم إضافته، فإذا أُضيف حينئذٍ رجع إلى أصله وجُرَّ بالكسرة.
مَالَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ، يَك، هذا فعل مضارع مغيَّر الصيغة مجزوماً بـ (لم)، أو: حرف عطف، يكُ: (يَكُنْ) الأصل بالإسكان، حذفت النون هنا تخفيفاً.
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ ... تُحْذَفُ نُونٌ وَهْوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ
ليس بلازم، بعد (أل)، هذه (أل) لا فرق فيها بين أن تكون معرِّفة، أو موصولة كالأعمى والأصم، أو تكون زائدة: رأيتُ الوليدَ بن اليَزيدِ، يزيد: هذا ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، حينئذٍ لما دخلت عليه (أل) وهي زائدة؛ لأن (أل) الداخلة على الأعلام زائدة حينئذٍ رجع إلى أصله، أشار بهذا البيت إلى القسم الثاني مما ناب فيه حركةٌ عن حركة وهو الاسم الذي لا ينصرف.