والخامس: ما كان مُضعَّف الثاني (جُسَّسْ) هذا جمع: (جَاسٍّ) لماذا؟ لأنَّك لو قلت: (كَجُسَّسٍ) لو أدغمت الثاني المُدْغَم المُحرَّك فيما بعده لَفُكَّ الإدغام، لأنَّك ستلقي حركة الثاني –السين- على ما قبله وهو المُدْغَم في المُدْغَم فيه، عندنا حرفان: مُدْغَم وَمُدْغَمٌ فيه، المُدْغَم الأول: ساكن، والثاني: مُتحرِّك، لو أدغمتَ الثاني فيما بعده للزم إسقاط الحركة على ما قبله فَفُكَّ الإدغام، وهذا ممتنع.
(وَلاَ كَاخْصُصَ بِي) هنا يمتنع الإدغام، لماذا؟ لأنَّ الأول (اخْصُص) الصَّاد الأولى، حينئذٍ لو ألقيت حركتها، قلنا: يُشْتَرط أن يكون الثاني مُتحرِّك، لكن شرطه: أن تكون الحركة لازمة، فإن كانت عارضة امتنع الإدغام.
إذاً: (اخْصُصَ بِيْ) الصَّاد الثانية مُحرَّكة بحركة الهمزة، أصلها: (اخْصُصَ أَبِي) خُفِّفَ بحذف الهمزة بعد إسقاط حركتها على ما قبلها، إذاً: الصَّاد الثانية مُحرَّكة لكن بحركة عارضة لا بحركة أصلية.
(وَلاَ كَهَيْلَل) (هَيْلَلَ) يعني: أكثر من قول: لا إله إلا الله، وما كان فيه ثاني المثلين زائد الإلحاق، (هَيْلَلَ) على وزن (فَيْعَلَ)، واللام الثانية المراد بها: الإلحاق بوزن (دَحْرَجَ) هَيْلَل: هَيْلَلَةً وَهَيْلَالاً، حينئذٍ نقول: هنا مُلْحَقٌ بالثاني.
إذاً: يُشْتَرَط في المثل الثاني الذي يُدْغَمُ فيه الأول: ألا يكون زائداً للإلحاق، هذه سبعة مواضع يمتنع فيها الإدغام.
. . . . وَشَذَّ فِي أَلِلْ ... وَنَحْوِهِ فَكٌّ. . . . . . . .
(أَلِلْ) اللاَّمان هنا الأصل فيهما: الإدغام، وُجِدَ فيه شرط الإدغام، لأنَّه ليس واحداً من المواضع السَّبعة، فالأصل فيه: وُجُوب الإدغام، لَكنَّه شَذَّ بالفَكَّ، (وَنَحْوِهِ) مِمَّا سُمِعَ من هذه الكلمات فهي تُحْفَظُ ولا يُقاس عليها.
(وَشَذَّ فَكٌّ فِي أَلِلْ وَنَحْوِهِ بِنَقْلٍ) سماعي، لوجود شروط الإدغام مع عدم الإدغام (فَقُبِلْ) قُبِل هذا النَّقل .. قُبِلَ هذا المسموع عن العرب.
قال الشَّارح: "إذا تَحرَّك المثلان في كلمةٍ، أُدْغِمَ أولهما في ثانيهما إن لم يَتَصدَّرا" يعني: إن لم يقعا في أول، ولذلك قال: (أَوَّلَ مِثْلَينِ) فُهِمَ منه: أنَّ أول المثلين إذا كانا في صدر الكلمة نحو: (دَدَنْ) لا يُدْغَم، لأنَّه يلزم منه تسكينه وهذا ممتنع.
إذاً: شرط الأول: ألا يكونا مُتَصدِّرين، ولم يكن ما هما فيه اسماً على وزن (فُعَلْ) كـ: (صُفَفِ)، أو على وزن (فُعُلْ) كـ: (ذُلُلْ)، أو على وزن (فِعَلْ) كـ: (كِلَلْ)، أو (فَعَلْ) وهذا مفرد نحو: (لَبَبْ)، ولم يَتَّصِل أول المثلين بِمُدْغَم نحو: (جُسَّسْ)، ولم تكن حركة الثاني منهما عارضة (اخْصُصَ أَبِي)، ولا ما هما فيه مُلحقاً بغيره وهو: (هَيْلَلَ) .. (هَيْلَلَ) مُلْحَق بـ: (دَحْرَجَ)، فإن تَصدَّرا فلا إدغام مثل: (دَدَنْ)، وكذا إن وُجِدَ واحدٌ مِمَّا سبق ذكره: