فالأول كـ: صُفَفْ ودُرَرْ، والثاني كـ: ذُلُلْ وجُدُدْ، والثالث: كِلَلْ وَلِمَمْ، والرابع: طَلَلْ وَلَبَبْ، والخامس: جُسَّس، جمع (جَاسٍّ) اسم فاعل من جسَّ الشيء إذا لمسه، والسادس كـ: اخْصُصْ أبِيْ، وأصله: اخْصُصْ أَبِيْ، بتحقيق الهمزة، فَنُقِلَت حركة الهمزة إلى الصَّاد قبلها، ثُمَّ حُذِفَت، فصارت حركة الصَّاد هنا الثانية عارضة لا لازمة، والشَّرط: أن تكون لازمة.

والسابع نحو: هَيْلَلَ، أي: أكثر من قول: لا إله إلا الله، ونحوُه: قَرْدَدٌ وَمَهْدَدٌ، الدَّال الثانية في (قَرْدَدْ) للإلحاق بـ: (جَعْفَر)، (وَمَهْدَدٌ) الدَّال الثانية للإلحاق بـ: (جَعْفَر).

إذاً: ما كان الثاني فيه للإلحاق لا يُدْغَم، وإنَّما امتنع الإدغام في هذه المواضع السبعة لِمَا فيها من مانعٍ قام بها، أمَّا الثلاثة الأُوَل فإنها مُخالفةٌ لوزن الأفعال وهو: (فُعَلْ) .. (صُفَفْ) و (ذُلَلْ) و (كِلَلْ) هذه الأوزان مُخالِفة لأوزان الأفعال، والإدغام أصلٌ في الأفعال، كأنَّه قام بها ما هو من خصائصها فأبعدها عن شبه الفعل فلم تُدْغَم، هذا مرادهم، والإدغام أصلٌ في الأفعال فَأُظْهِرَت لبعدها عنها.

وأمَّا الرابع وهو (لَبَبْ) فلِخفَّة الفتحة، وفي إظهاره تنبيهٌ على ضعف الإدغام في الأسماء، لأنَّ نظيره من الأفعال واجب الإدغام نحو: (رَدَّ) أصله: (رَدَدْ) (وَلَبَبْ) مثله أُدْغِمَ في الفعل ولم يُدْغَم في الاسم، دَلَّ على أنَّه ضعيفٌ في الأسماء، وأصلٌ في الأفعال، (رَدَّ) هذا بالإدغام، مثله (لَبَبْ) ما قيل: (لَبَّ)، لكن نقول: (لَبَّ) - ليس لَبَّ تلبيةً هناك شيء ثاني - (لَبَّ) بالإدغام هنا نقول: فُكَّ، دليلٌ على أنَّه ضعيف مع كونه مثيلاً له في الفعل قد أُدْغِمَا.

وأمَّا الخامس: (جُسِّسَ) فإنَّه وإن واجتمع فيه مثلان مُتحرِّكان المثل الأول مُدْغَمٌ فيه ساكنٌ قبله، فلو أُدْغِمَ المُحرَّك الأول لالتقى ساكنان.

وأمَّا السَّادس وهو: اخْصُصْ أَبِي، فلأن الحركة الثانية عارضة.

وأمَّا السَّابع وهو (هَيْلَلَ) فلأنَّ ثاني المثلين زائدٌ للإلحاق، فلو أُدْغِمَ لخالف الملحق به في الوزن المطلوب منه موافقته، لأنَّه ما زيد اللام الثانية في (هَيْلَلَ)، ولا الدَّال الثانية في (قَرْدَدَ)، إلا من أجل أن يكون موافقاً له في الوزن والنتيجة، حينئذٍ يكون مثله في المصدر والمضارع.

قال الشَّارح: "فإن لم يكن شيء من ذلك وجب الإدغام نحو: رَدَّ وَضَنَّ، أي: بَخِلَ، وَلَبَّ والأصل: رَدَدَ وَضَنِنَ وَلَبُبَ، وأشار بقوله:

. . . . وَشَذَّ فِي أَلِلْ ... وَنَحْوِهِ فَكٌّ بِنَقْلٍ فَقُبِلْ

إلى أنَّه قد جاء الفَكُّ في ألفاظٍ قياسها وجوب الإدغام لتَوَفُّر شروطها، فَجُعَِل شَاذًّا يُحْفَظُ ولا يُقَاس عليه نحو: أَلِلَ السِّقَاء، إذا تَغَيَّرت رائحته، والأصل: (أَلَّ) لكن ما أُدْغِمَ مع وجود شرط الإدغام، وَلَحِحَت عينه إذا التصقت بالرَّمَص" (لَحِحَت) الأصل: (لَحَّتْ) لكن ما أُدْغِمَ.

إذاً:

أَوَّلَ مِثْلَينِ مُحَرَّكَيْنِ فِي ... كِلْمَةٍ ادْغِمْ. . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015