الصواب هنا: عدم التَّفصيل، لأنَّه إذا نُقِل عن المضارع فَأُعِلَّ أولاً قبل النَّقل فهو مُعل، وأمَّا بعده فلا يدخله الإعلال، فإن أشبهه في الزِّيادة والزِّنة معاً، فإمَّا أن يكون منقولاً من فعلٍ أو لا، ما الذي يَتَرتَّب؟ فإن كان منقولاً منه أُعِلَّ كـ: يَزِيد، أصلها: يَزْيِد، حينئذٍ أُعِلَّت الياء بنقل حركته إلى الزاي، أصله: يَزْيِد، لكن هذا قبل النَّقل وليس بعده، ولذلك التَّفصيل هنا ليس في مَحلِّه.
بل الصَّواب أن يُقَال: فإن أشبهه في الزِّيادة والزِّنة معاً صَحَّت الواو، يعني: لا تُنْقَل .. لا يدخله إعلالٌ بالنَّقل، فإن كان منقولاً منه أُعِلَّ كـ: يَزِيد، وإلا صَحَّ كـ: أبيض وأسود، لأنَّه لو أُعِلَّ لالتبس بالفعل، إذ ليس فيه علامةٌ يَمْتَاز بها: (أبيض)، هذا فيما إذا أشبهه بالزِّيادة والزِّنة معاً.
وَفُهِمَ منه أيضاً: أنَّ الاسم إذا لم يُشابِه الفعل المضارع لا في الوزن ولا في الزِّيادة لم يُعَلْ كـ: مِكْيَال، الياء حرف عِلَّة (مِفْعَال) تَحرَّكت الياء بالفتح وما قبله ساكن، هل يدخله إعلالٌ بالنَّقل؟ الجواب: لا، لكونه لم يُشْبِه الفعل المضارع، وشرط دخول الإعلال بالنَّقل في الاسم: أن يكون مشابهاً للفعل المضارع، إمَّا في الزِّنة فقط، وإمَّا في الزِّيادة، يعني: أن يُزَاد في الاسم حرفٌ من حروف (أَنَيْتُ).
فإن زِيد لا من حروف (أَنَيْتُ)، ولم يكن على زنة المضارع مثل: مِكْيَال .. (مِفْعَال) ليس عندنا فعل مضارع على وزن (مِفْعَال)، إذاً: لا في الوزن ولا في الزِّيادة، لأنَّ الميم هذه لا تُزَاد في الفعل إذاً: لا يُعَل، ولا نقول: مِكْيَال .. (مِكِيـ) هذا لا يصح؛ لانتفاء الشَّرط.
إذاً: المسألة الثانية فيما يدخله إعلالٌ بالنَّقل: أن يكون الاسم ضاهى الفعل المضارع، إمَّا في الزِّنة فقط يعني: في الوزن، أو في الزِّيادة، والنُّوعان الآخران لا يدخلهما إعلالٌ.
(ومِثْلُ) مبتدأ وهو مضاف، و (فِعْلٍ) مضافٌ إليه، (فِي ذَا) (ذَا) اسم إشارة، وما بعده هو المشار إليه، (فِي ذَا الاِعْلاَلِ) (اسمُ) هذا خبر، ويجوز العكس: أن يكون (اسمُ) مبتدأ مُؤخَّر، و (مِثْلُ فِعْلٍ) هذا خبر مُقدَّم.
(ضَاهَى) الجملة هنا صفة لـ: (اسمُِ) .. نعت (اسمِ)، (ضَاهَى مُضَارِعاً) مفعولٌ به، (وَفِيهِ وَسْمُ) يعني: والحال أن فيه (وَسْمٌ)، يعني: علامةٌ يمتاز بها عن الفعل، يعني: ليس بِفِعلٍ، وإنَّما هو اسمٌ ضاهى الفعل المضارع، وفيه علامته الخاصَّة به، يعني: لم ينتقل إلى المضارع حتى يُقَال بأنَّه فعلٌ مضارع، ففرقٌ بينهما.
ثُمَّ قال:
وَمِفْعَلٌ صُحِّحَ كَالْمِفْعَالِ ..
(مِفْعَل) هذا نحو: مِخْيَط، دخل فيما سبق: وهو كونه أشبه الفعل المضارع في الوزن دون الزٍّيادة، فدفعاً لهذا أخرجه بقوله:
وَمِفْعَلٌ صُحِّحَ كَالْمِفْعَالِ ..
كـ: (المِكيَال)، علمنا أنَّ (المِكيَال) لم يُشْبِه الفعل المضارع، لا في الوزن، ولا في الزِّيادة، إذاً (صَحِّ) يعني: لم يحصل له إعلالٌ بالنَّقل، هذا المراد بالتَّصحيح هنا.