كُلُّ واحدٍ من هذه الثلاثة لا يدخله إعلالٌ بالنَّقل، وَدَعْك من العلل التي يذكرها الصَّرفيُّون، فعل التَّعجُّب لا يدخله إعلال: أَقْوِم به، وكذلك تقول: ما أَقْوَمَه، وما أَبْيَنَه، وما ألْيَنَه، وَأَلْيِن به، وَأَبْيِن به، تبقى حركة حرف العِلَّة كما هي ولا تُنْقَل إلى ما قبلها، ولو كان صحيحاً ساكناً.
أَوْ مُضَاعَفَاً كَـ: ابْيَضَّ واسْوَدَّ وَاحْمَرَّ وَاخْضَرَّ، كُلُّ هذه مُضعَّف فلا يحصل فيها إعلالٌ بالنَّقل، أَوْ مُعْتَلَّ اللام لئلا يقع فيه إعلالٌ آخر، وإن كان هنا إعلالٌ بالقلب، وهذا إعلالٌ بالنَّقل، لئلا يجتمع فيه جنس الإعلال.
فإن كان كذلك فلا نقل نحو: مَا أَبْيَن الشَّيء وَأَبْيِن به، وَمَا أَقْوَمَه وَأَقْوِمْ بِه، ونحو: ابْيَضَّ وَاسْوَدَّ، ونحو: أهوى وأحيا، كُلُّ هذه لا يدخلها إعلالٌ بالنَّقل.
ثُمَّ قال:
ومِثْلُ فِعْلٍ فِي ذَا الاِعْلاَلِ اسمُ ... ضَاهَى مُضَارِعاً وَفِيهِ وَسْمُ
(فِي ذَا الاِعْلاَلِ) الألف تحذف، ذال ثُمَّ اللام مكسورة (فِي ذَا لاِعْلاَلِ اسمُ)، (ومِثْلُ فِعْلٍ اسمُ) هذه المسألة الثانية التي يُعَلُّ فيها إعلالٌ بالنَّقل.
(مِثْلُ فِعْلٍ) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (فِعْلٍ) مضافٌ إليه، (اسْمُ) هذا خبر، ويجوز العكس: أن يكون (اسْمُ) هو المبتدأ، (ومِثْلُ فِعْلٍ) خبر، وهذا لا إشكال فيه، (فِي ذَا الْ) (فِي) حرف جر، و (ذَا) اسم إشارة، والمشار إليه ما بعده وهو (الاِعْلاَلِ)، (فِي ذَا الاِعْلاَلِ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (مِثْلُ)، لأن (مِثْلُ) فيها معنى المماثلة.
(اسمٌ ضَاهَى مُضَارِعاً) إذا الاسم أشبه المضارع، حينئذٍ صَحَّ أن يدخله الإعلال بالنَّقل، الحديث الآن في الإعلال بالنَّقل.
المسألة الأولى: إذا كانت الواو أو الياء المُحرَّكتين (عَيْنَ فِعْلٍ) بالشُّروط السَّابقة: أن يكون الحرف ما قبله ساكن صحيح، ثُمَّ ألا يكون من باب (أَفْعَل) فعليَّ التَّعجُّب، ولا مضاعفاً، ولا مُعلَّ اللام.
المسألة الثانية: ما يدخله الإعلال بالنَّقل: أن يكون الاسم مُشابهاً للفعل، ولذلك قال: (اسمٌ ضَاهَى مُضَارِعاً) (ضَاهَى) فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر يعود على (اسمٌ)، (اسمٌ ضَاهَى) هو (مُضَارِعاً) يعني: فِعْلاً مضارعاً.
(وَفِيهِ وَسْمُ) الواو هذه للحال، (وَفِيهِ) خبر مُقدَّم، (فِيهِ) الضمير يعود على الاسم، (وَسْمُ) هذا مبتدأ مُؤخَّر، أي: علامةٌ يمتاز بها عن الفعل .. (وَفِيهِ وَسْمُ) يعني: علامةٌ يمتاز بها عن الفعل.
إذاً: الاسم المُشْبِه للفعل المضارع يدخله الإعلال بالنَّقل، لكن المراد بالمشابهة هنا: المشابهة في الزِّيادة فقط، أو في الوزن فقط، لأنَّ الاسم إمَّا أن يُشْبِه الفعل في الزِّيادة وفي الوزن، وإمَّا أن يشبهه في الوزن فقط، أو في الزِّيادة فقط، أو أن يَتَجرَّد عن الشَّبَهين، هذه أربعة أقسام.