إذاً: الإعلال بالنَّقل لا يدخل فعليَّ التَّعجُّب بالصِّيغتين المشهورتين، إذاً:
مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ ..
شمل صيغتي أَفْعَلْ التَّعجب: وهما (مَا أَفْعَلَهُ) و (أَفْعِلْ بِه) فالأول نحو: ما أقْوَمَه، وما ألْيَنَه، والثاني نحو: أَقْوِمْ بِه وَأَلْيِن بِه، ما الذي حصل؟ وقعت العين حرف عِلَّة مُحرَّك، وما قبله صحيحٌ ساكن، لم يحصل الإعلال، لقيام المانع: وهو كونه فعل تَعَجُّبْ.
وإنَّما صَحَّ فيهما بالحمل على (أَفْعِلْ) من كذا، لأنَّهما من بابٍ واحد، يعني: حُمِلَ على أَفْعَلْ التَّفضيل.
(وَلاَ كَابْيَضَّ) يعني: من المُضعَّف، (ابْيَضَّ) هنا الياء مُحرَّكة وهي عين الكلمة، وما قبلها حرفٌ صحيحٌ ساكن، (ابْيَضَّ) فلو نُقِلَت الحركة للسَّاكن هنا لذهبت همزة الوصل فيقال: بَاضَ، إذاً: لئلا تسقط همزة الوصل ويبقى المُضعَّف على حاله ولا يُفَكّ، حينئذٍ لا يحصل الإعلال هنا بالنَّقل، فيلتبس بـ: (فَاعَلَ) من المضاعف.
(أَوْ أَهْوَى بِلاَمٍ عُلِّلاَ) لِمَا أُعِلَّت لامه، إذ لو نُقِلَت الحركة فيه لتوالى عليه إعلالان وهذا ممتنع، لأنَّ (أَهْوَى) أصله: أَهْوَيَ، تَحرَّكت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، (أَهْوَى) والواو هنا مُتحرِّكة وما قبلها صحيحٌ ساكن، لو نُقِل لتوالى عليها إعلالان وهذا إجحافٌ بها.
إذاً: يُشْتَرط في الإعلال بالنَّقل: أن يكون حرفاً صحيحاً، وألا يكون فِعلي تعجُّب، وألا يكون (كَابْيَضَّ) من المضاعف، وألا يكون مُعلَّ اللام.
(مَا لَمْ يَكُنْ) (مَا) هذه ظرفيَّة مصدرية، و (لَمْ) حرف نفي وجزم، و (يَكُنْ) فعل مضارع ناقص، واسمه ما هو .. الضمير يعود على أي شيء؟ مُعتلَّ العين، الذي نريد إعلاله بالنَّقل (لِسَاكِنٍ صَحَّ).
قلنا المسألة الأولى: أن يكون الحرف المُعتَل عين الفعل، (مَا لَمْ يَكُنْ) هو أي: الفعل المُعتلَّ العين، (فِعْلَ تَعَجُّبٍ) هذا خبر (يَكُنْ) وهو مضاف، و (تَعَجُّبٍ) مضافٌ إليه، (وَلاَ كَابْيَضَّ) (وَلاَ) الواو عاطفة، و (لاَ) زائدة، (كَابْيَضَّ) معطوفٌ على فعل التَّعجب، جار ومجرور معطوف على ما سبق، يعني: مثل (ابْيَضَّ) إذا جعلتها اسْميَّة أو جعلتها حَرفيَّة.
(أَوْ) كذلك عطف، (أَهْوَى) معطوف على فعل التَّعجُّب، (بِلاَمٍ عُلِّلاَ) يعني: مُعَلٌّ باللام، والألف هذه للإطلاق، و (عُلِّلاَ) يعود على (أَهْوَى) الضمير، والجملة صفة لـ: (لاَمٍ) للامٍ مُعَلٍّ، لأنَّ (أَهْوَى) أصله: أَهْوَيَ، تَحرَّكت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً.
قلنا: (مَا) مصدرية، أي: مُدَّة عدم كونه (فِعْلَ تَعَجُّبٍ) وما عُطِفَ عليه، (مدَّة كونه) أي: الفعل المُعلَّ الذي يدخله إعلالٌ بالنَّقل، مُدَّة عدم كونه:
. . . . . فِعْلَ تَعَجُّبٍ وَلاَ ... كَابْيَضَّ أَوْ أَهْوَى. . . . . .
قال الشَّارح: "إنَّما تُنْقَل حركة العين إلى السَّاكن الصحيح قبلها: إذا لم يكن الفعل للتَّعَجُّبْ، أَوْ مُضَاعَفَاً، أَوْ مُعْتَلَّ اللام" هكذا.