تُقَرِّبُ الأقْصى بِلَفْظٍ مُوجَزِ، يعني: مع لفظ موجز، والموجز المراد به هنا الاختصار، فالإيجاز هو تقليل الكلام – الألفاظ_ مع كثرة المعنى، وهذه صفة سائدة في المختصرات عند أهل العلم، ولذلك عم بها النفع لمن اشتغل بها، لفظ قليل، ولكن تحته من المعاني الكثيرة الكثيرة الكثيرة، ولذلك في الفقه تظهر هذه المزية أكثر وأكثر؛ لأنه يأتي بالمنطوق والمفهوم، يذكر الحكم بالمنطوق وعكسه المفهوم، يكون مخالفاً للحكم وهو مراده .. هو مراده.

ولذلك قد يستدرك على بعضهم بماذا؟ بأنه أطلق المفهوم والأصل تخصيصه، الأصل أنه لا يعم، حينئذٍ يورد عليهم من هذه الحيثية، لماذا؟ لأن المفاهيم المنطوقات، والمفاهيم في المتون سواء كانت نثرية أو منظومات مرادة عند أرباب التصنيف، وما جاءت الاعتراضات والنقد والتنقيح إلا من أجل هذا، وما اختصرت إلا من أجل تسهيل العلم، لا من أجل تعقيد العلم، والبعض يظن أن هذه المختصرات لها نوع إضلال لبعض الطلاب هكذا يعبر البعض، ويقول الزاد هذا أضل الطلاب، لماذا؟ لأنه كلام بدون دليل هذا أولاً، ثم فيه من تعجيز الكلام وربط الكلام بحيث يوصل إلى عدم الفهم من قراءة اللفظ بنفسه وهذا ليس بصحيح، الزاد كغيره من المتون، إنما يوجد فيه بعض الألفاظ التي تحتاج إلى تصحيح، لكن في الجملة نقول: هو واضح وبين.

إذاً: تُقَرِّبُ الأقْصى بِلَفْظٍ مُوجَزِ: يعني: مع لفظ موجز، أو بسبب لفظ موجز، وهذا إذا أردنا به مدحة ابن مالك رحمه الله تعالى.

وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ: يعني: توسع البذل، ما المراد بالبذل هنا؟ العطاء.

بِوَعْدٍ مُنْجَزِ: يعني: مع وعد منجز، أو بسبب وعد منجز، يعني: تفسر الباء هنا كما فسرت في قوله: بلفظ موجز، إما أن تكون للمعية، وإما أن تكون للسببية، وتبسط البذل، يعني: توسع هذه الألفية لوجازتها العطاء الكثير للطالب .. طالب العلم؛ لأن اللفظ الواحد والجملة الواحدة يدخل تحتها جمهور من المسائل، إما بالمنطوق وإما بالمفهوم كما ذكرناه، وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ، يعني: مُوُفَاً أو مُوَفَّاً سريعاً في أسرع وقت، وهذه كانت طريقة المتقدمين، أنه إذا درس متناً متوسطاً فما فوق نبغ، بخلاف الآن المعاصرين يدرس ويدرس ويدرس وهو مبتدئ الأوائل لا كان الطالب يتخرج في سبع سنين إلى عشر سنين فإذا به يخلف شيخه، ويراجع الدرس للطلاب، والآن لا، يجلس يدرس ويدرس ويدرس وهو مبتدئ، لماذا؟

لعدم العناية بهذه المنظومات وبهذه المختصرات، فهي مفتاح .. هي لطالب العلم مفتاح، انتبه، يعني: لا يلج العلم بدون أن يكون له مختصر محفوظ، كما ذكرنا اليوم عن النووي رحمه الله تعالى، ويحفظ في كل فن مختصراً.

الأئمة كلهم عن بكرة أبيهم من أولهم إلى آخرهم لا بد وأنه قد سار على هذا المنهاج، وأما أن يريد أن يصل العلم دون متون ودون مختصرات وأن يأتي هكذا من رأسه ويقرأ المطولات، ويجرد ويختصر ويكتب إلى آخره دون أن يسير بهذا السير الذي أصله أهل العلم فلن يصل، هيهات هيهات.

وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ: هذا إشارة إلى ما تمنحه لقارئها من كثرة الفوائد، وهو كذلك، من درس الألفية وضبط معها بعض الشروح حينئذٍ حصل الكثير والكثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015