ولذلك حكا الشيباني ضمها مع الألف في المثنى كقول بعض العرب: هما خليلانُ، بضم النون، إذاً: يجوز ضمها بعد الألف:
يَا أبَتَا أرَّقَنِي القِذَّانُ ... ... فالنَّومُ لا تَألَفُهُ العَيْنَانُ
هذا دليل على أنه إما أن المثنى يعرب بالحركات على النون، وإما أنه ألزم الألف وحركت النون التي هي التنوين بالضمة، هل هذه النون عوض عن التنوين، أو عن الحركة أو عنهما معاً؟ هذه مسألة يكثر فيها الخلاف بين النحاة، والصواب أن يقال: أن النون في المثنى والجمع ليس عوضاً عن التنوين في الاسم المفرد، وليس عوضاً عن الحركة، بل لحقت لدفع توهم الإضافة في نحو: جاءني خليلان موسى وعيسى .. لو لم تأت بالنون هنا قلت: خليلا موسى وعيسى، ماذا يُظن؟ خليلا موسى وعيسى مضاف ومضاف إليه، وهذا ينتفي معه المعنى المراد.
ومررت ببنين كرام .. ببني كرامٍ .. ببنين كرامٍِ، لو لم تأت بالنون ببني كرامٍ .. ببنين كرامٍ هل الوصف بالكرم للبنين أو للآباء؟ لو قلت: ببني كرامٍ، الوصف لمن بالكرم؟ للآباء، ببنين كرامٍِ الوصف بالكرم لمن؟ للبنين، ببنين كرامٍ وصفت البنين بالكرم، ببني كرامٍ، يعني: أبناء كرام، فاختلف الوصف، الذي فرق بين هذا وذاك هو وجود النون، فهي دفعت توهم الإضافة في مثل ما ذكرنا.
كذلك دفع توهم الإفراد نحو: جاءني هذان، لو قال: جاءني هذا، ظن أنه مفرد، كذلك: مررت بالمهتدين، لو قيل: بالمهتدي دون النون حينئذٍ ظُن أنه مفرد.
وقيل: للحركة نيابةً عن الحركة، وقيل: نيابةً عن التنوين، وقيل: نيابةً عنهما، وكلها أقوال ضعيفة.
بقي من الملحق ما سمي به وإعرابه، المسمى به من جمع المذكر السالم فيه خمسة أوجه:
الأول: كإعرابه قبل التسمية به، وهو المشهور، وبه جاء القرآن: ((إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ)) [المطففين: 18 - 19] وهذا مسمىً به وهذا الأفصح، ما جاء بالقرآن فهو أفصح الفصيح.
الثاني: أن يكون كـ ((غِسْلِينٍ)) [الحاقة:36] في لزوم الياء والإعراب بالحركات الثلاث على النون منونة، والغسلين معروف: ما يسيل من جلود أهل النار.
ثالثاً: أن يجري مجرى (عَرَبُون) في لزوم الواو والإعراب بالحركات على النون منونة، هذا كله مسموع في لسان العرب.
أن يجري مُجرى (هارون) في لزوم الواو والإعراب على النون غير مصروفة للعلمية وشبه العجمة؛ لأن وجود الواو والنون في الأسماء المفردة من خواص الأسماء العجمية.
خامساً: تلزمه الواو وفتح النون الإعراب بحركات مقدرةٍ على الواو لا النون.
هذه كلها مسموعةٌ عن العرب، وقيل: تجري في جميع باب جمع المذكر السالم، لكن الأفصح الذي ينبغي استعماله وحمل لسان العرب عليه هو الأولى، ولذلك قيل: هذه الأوجه مترتبة، كل واحدٍ منها دون ما قبله، وشرط جعل كـ ((غِسْلِينٍ)) [الحاقة:36] وما بعده ألا يتجاوز سبعة أحرفٍ، فإن تجاوزها تعين الوجه الأول: أن يكون معرباً بواو ونون.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
- ما هو مؤنث (ندمان)؟
- نرجو أن تملي علينا الأبيات التي جمعت صورة المثنى.
- إن شاء الله المغرب ...