* بيان الباب الرابع من أبواب النيابة (جمع المؤنث السالم) ـ
* حده -حكمه -حكم الملحق به
* فائدة: أقسام المؤنث - أشهر علامات التأنيث.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لما فرع المصنف رحمه الله تعالى من بيان ما ناب فيه حرف عن حركة من الأسماء، شرع في بيان ما نابت فيه حركة عن حركة، وهو شيئان، -هو أمران أو بابان-: ما جمع بألف وتاء وما لا ينصرف.
ما جمع بألف وتاء وهو: جمع المؤنث السالم، كذلك ما لا ينصرف وهو الممنوع من الصرف، وبدأ بالأول الذي هو ما جمع بألف وتاء؛ لأن فيه حملَ النصب على غيره، والثاني فيه حمل الجر على غيره، والأول أكثر، إذاً أنهى ما يتعلق بما ناب فيه حرف عن حرف وهو ثلاثة أبواب: الأسماء الستة، والمثنى، وجمع المذكر السالم.
ثم شرع فيما ناب فيه حركة عن حركة وبدأ بجمع المؤنث السالم.
قال رحمه الله تعالى:
وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا ... يُكْسَرُ فِي الْجَرِّ وَفِي النَّصْبِ مَعَا
وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا، هذا تعريف لما يسمى بجمع المؤنث السالم، ولذلك عدل الناظم رحمه الله تعالى عن قوله بجمع المؤنث السالم؛ لأن ثَمَّ اعتراضاً على هذا التركيب، لأنه يقال الجمع، -قلنا: الجمع المراد به الضم، ضم شيء إلى شيء آخر- وأنه من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول أي المجموع، والمؤنث هذا وصف لمفرد محذوف مقدر، جمع المفرد المؤنث؛ لأن التأنيث والتذكير إنما يوصف بهما اللفظ دون المعاني هذا الأصل فيه.
جمع المؤنث السالم قالوا: المؤنث هذا احتراز، هذا الأصل فيه، جمع المؤنث، هذا التقييد ليس لبيان الواقع وإنما هو للاحتراز.
إذاً جمع المؤنث أخرج جمع المذكر، حينئذٍ وجدنا أن ما يُجمع بألفٍ وتاء منه ما هو مذكَّر كحمَّام قالوا: يُجمع على حمامات، وإسطبل يجمع على إسطبلات، إذاً لم يتوفر فيه هذا القيد حينئذٍ كيف نقول أنه جمع مؤنث وهذا ليس بمؤنث؟
كذلك السالم، سالم المراد به الذي سلم واحده، وهذا أيضاً ليس بمطرد؛ لأنه قد يسلم وقد لا يسلم، ضخمة: قالوا يجمع بألف وتاء على ضخمات، هذا سَلِم واحدهُ، وسجدة: يجمع على سجدات لم يسلم، (سجْ) هذا بإسكان الجيم، سَجَدَات بحركة الجيم، كذلك حبلى: يُجمع على حبليات، قلبت الألف ياءً، صحراء: يجمع على صحراوات قلبت الهمزة واواً، صحراوات، إذاً هذا اللقب صار غير جامع لكل أفراده، حينئذٍ عدل ابن مالك رحمه الله تعالى إلى قوله: وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا؛ لما ورد من الاعتراض على ذلك اللقب.
لكن أجابوا وهو قول الجمهور - أكثرهم يعبرون بهذا - قالوا: أنه صار علماً، وإذا صار علماً حينئذٍ صار جامداً، فلا مفهوم لقوله المؤنث كما أنه لا مفهوم لقوله السالم، حينئذٍ الأكثر فيه أنه يكون مؤنثاً والأكثر فيه أنه يكون سالماً، ولذلك أجابوا بهذا: أنه صار علماً، وإذا صار علماً حينئذٍ لا معنى له كما يسمى زيد مثلاً: زيد نقول: زيد ليس له معنى وإنما هو يدل على ذات، وقد يسمى صالح ٌوالمراد به الذات فقط، حينئذٍ نقول لا يدل على معنى كذلك جمع المؤنث السالم قالوا: ليس ثَمَّ ما يحترز به عن المذكر بقوله المؤنث، أو يحترز به عما تغيرت صيغته ولم يسلم مفرده في ضمن الجمع كسجدة ونحوها.
قال رحمه الله: وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا.