آخرينِ: هذا جمع بياء ونون، ومع ذلك كسرت فيه النون، هل هو لغة أم لا؟ إن سُمع فيما يصح إثبات كلامه من لسان العرب، حينئذٍ يقال فيه: أنه لغة، وإذا لم يكن كثيراً بل كان قليلاً حينئذٍ يصدق عليه قول الناظم: وقل، فهو قليل، فلا بأس أن يكون لغةً:
عَرَفْنَا جَعْفَراً وَبَني أبِيهِ ... وَأَنْكَرْنَا زَعَانِفَ آخَرِينِ
فخالف الشارح هنا الناظم وحكم على أنها شاذ.
وَقَدْ جَاوَزْتُ حَدَّ الأَرْبَعِيْنِ .. كذلك، وليس كسرها لغةً خلافاً لمن زعم ذلك، ومنهم صاحب النظم.
وحق نون المثنى والملحق به الكسر على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، ولذلك الأصل المثنى، ثم يأتي بعد ذلك الجمع، النون في الأصل أنها إما عوضٌ عن التنوين في الاسم المفرد، وإما أنها عوضٌ عن الحركة، وعل كلٍ فهي ساكنةٌ في الأصل، والحرف الذي جعل علامةً على الإعراب كالألف ساكن، فحينئذٍ التقى ساكنان، فلما كان الأصل في التخلص من التقاء الساكنين هو الكسر وكان المثنى أسبق من الجمع حينئذٍ أخذ الأصل، فقيل: المسلمان، على الأصل من التخلص من التقاء الساكنين.
وأما الجمع فهو ثانٍ؛ لأنه يوجد بعد المثنى، فالمثنى سابق حينئذٍ لما أخذ المثنى الأصل أُعطي الجمع الثقيل الفتح، فرقاً بينه وبين نون المثنى، هكذا قالوا في التعليل، ولكن فتحها لغةٌ، هكذا حكموا ومنهم ابن مالك رحمه الله تعالى.
عَلَى أحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقلّتْ عَشِيَّةً .. أحْوَذِيَّيْنَ: هذا مثنى، فتحت نونه مع الياء، هل هو لغة أو ضرورة أو شاذ؟ نقول: هو لغةٌ على الأصل، هذا هو الأصل، وهنا فتحت بعد الياء، وهل هو خاصٌ بالياء أم يشمل غيره؟ هذا محل نزاع، ظاهر كلام المصنف يقول الشارح: أن فتح النون في التثنية ككسر نون الجمع في القلة وليس كذلك، بل كسرها في الجمع شاذٌ، وسبق أنه قال: لغة، ابن مالك رحمه الله في التسهيل وفي شرح الكافية.
وفتحها في التثنية لغةٌ كما قدمنا، وهل يختص الفتح بالياء، أو يكون فيها وفي الألف؟ قولان: وظاهر كلام المصنف الثاني: أنه يكون فيها وفي الألف، ومع الفتح أو من الفتح مع الألف، قول الشاعر:
أَعْرِفُ مِنْهَا الجيدَ وَالْعَيْنَانَا .. الْعَيْنَانَا لم يقل: عينين، بناءً على ماذا؟ الجيد: منصوب، والعينان معطوف عليه، لو أجراه على اللغة المشهورة قال: والعنين، لكنه ألزمه الألف، ثم هو مثنى وفتح النون مع الألف، حينئذٍ نقول: هذا لغةٌ.
ومنخَرَيْنِ، هذا لغة، كسر وفتح، وهذا محل إشكال، لذلك قيل: هذا البيت مصنوع، لماذا؟ لأنه يصعب أن يقال: بأن متكلماً واحداً يجمع بين لغتين في بيت واحدٍ، هذه إذا قيل: لغة ولغة، ليس معناه قبيلة واحدة تتكلم بهذا وذاك، المراد: أن قبيلة قيس مثلاً تتكلم بالفتح وقبيلة تميم تتكلم بكذا، كونه يأتي واحد من تميم يتكلم باللغتين، قالوا: هذا يدل على أنه مصنوع، إذً نقول: نون المثنى في الأصل مكسورة للتخلص من التقاء الساكنين، ثم هل يفتح؟ نقول: نعم، يفتح لغةً، ثم جمع المذكر السالم النون المتصلة والملحقة به الأصل فيها أنها مفتوحة، وهل تكسر أم لا؟ ابن مالك يرى أن كسرها لغة.