لَعِبْنَ بِنَا شِيباً وَشَيّبْنَنَا مُرْدَا.

ثم قال في خاتمة ما ذكره:

وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ

وَنُونُ مَاثُنِّيَ وَالْمُلْحَقِ بِهْ ... فَافْتَحْ وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ

بِعَكْسِ ذَاكَ اسْتَعْمَلُوهُ فَانْتَبِهْ

وَنُونَ مَجْمُوعٍ، نون: هذا بالنصب على أنه مفعول به لقوله: فَافْتَحْ والفاء هذه زائدة لتزيين اللفظ، إذ لو رفع يجوز، لكن يحوجنا إلى محذوف، وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ فَافْتَحْه، نحتاج إلى تقدير ماذا؟ رابط؛ لأننا إذا جعلنا نون مبتدأً، فجملة: فافتح، هذه خبر، ولا بد أن تكون مشتملةً على رابط يربط جملة الخبر بالمبتدأ، والأولى أن يكون مفعولاً به لقوله: افتح، والفاء هذه لتزيين اللفظ، يعني: لا بأس أن يعمل ما بعدها فيما قبلها.

وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ، يعني: الذي التحق به في إعرابه فافتح، طلباً للخفة من ثقل الجمع، وفرقاً بينه وبين نون المثنى.

وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ، نطق مطلقاً مع الياء والألف، أو مع الياء فحسب؟ هذا محل خلاف، وهل هو لغةٌ أم شاذٌ؟ أيضاً محل خلاف، وابن مالك ظاهر كلامه أنه لغة، وأنه مطلقاً، وَقَلَّ، يعني: قليل، وإذا أثبت أنه قليل معناه: أنه لغةٌ، مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ، يعني: كسر النون نَطَقْ مطلقاً، ولم يقيده لا بياء ولا بغيرها، أي: في حالتي الجر والنصب؛ لأنه لم يُسْمع مع الواو قطعاً هذا، أما في حالة الرفع فلم يُسمع، قال في التصريح: ولم تُكسر النون بعد الواو في نثرٍ ولا شعرٍ لعدم التجانس، وإنما بقي معها في الياء.

وَنُونُ مَاثُنِّيَ، نون المثنى، وَالْمُلْحَقِ بِهْ، الملحق بالمثنى كم؟ خمسة، وهي: كلا وكلتا، واثنان واثنتان، قال: وَالْمُلْحَقِ بِهْ: عمم، هل يدخل معنا: كلا وكلتا؟ لا يدخل قطعاً، إذاً: وَالْمُلْحَقِ بِهْ، أي: بعضه ليس كله، لماذا؟ لأن بعض الملحق بالمثنى لم يختم بنون، وإنما المراد به: اثنان واثنتان وثنتان فحسب، وَنُونُ مَاثُنِّيَ، يعني: المثنى، ما هذه اسم موصول، والاسم الموصول مع صلته في قوة المشتق، كأنه قال: ونون المثنى، وَالْمُلْحَقِ بِهْ بِعَكْسِ ذَاكَ، أي: بخلافه؛ لأن الكثير هنا قليل هناك، والقليل هنا كثير هناك، فالعكس لغويٌ قطعاً، ليس منطقياً.

بِعَكْسِ ذَاكَ النون اسْتَعْمَلُوهُ فكسروه كثيراً على الأصل، هناك: ونون مجموع فافتح، هذا الكثير، والقليل: الكسر، هنا بالعكس: الكثير الكسر، والقليل الفتح، فكسروه كثيراً على الأصل في التقاء الساكنين، وفتحوه قليلاً بعد الياء.

فَانْتَبِهْ، يعني: لذلك، وهذه اللغة حكاها الكسائي والفراء، قال الشارح: حق نون الجمع وما ألحق به الفتح، وقد تكسر شذوذاً، خالف ما عليه المصنف، الناظم يقل و: وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ قليل، إذاً: هو لغة وليس بشاذ، قال في شرح التسهيل: يجوز أن يكون كسر نون الجمع وما ألحق به لغةً، وجزم به في شرح الكافية ومنه قول الشاعر:

عَرَفْنَا جَعْفَراً وَبَني أبِيهِ ... وَأَنْكَرْنَا زَعَانِفَ آخَرِينِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015