(وَلاَ تُمِلْ) اسماً (مَا لَمْ يَنلْ تَمَكُّنَاً) من الأسماء (دُونَ سَمَاعٍ)، أي: الإمالة من خواصِّ الأفعال والأسماء المُتمكِّنَة، فلذلك لا تَطَّرِد إمالة غير المُتمَكِّن نحو (إذا) و (مَا) النافية، إلا (هاء) و (نا) وهي استثناها النَّاظم، لذلك قال: (غَيْرَهَا وَغَيْرَ نَا) (هَا) هذا لفظ ضمير المُؤنَّثة الغائبة: ضربها .. ضربتها إلى آخره، و (نَا) الدَّالة على المُتكلِّم أو المُتكلِّمِين .. المُتكلِّم وحده أو معه غيره، تقول: هذان الاسمان غير مُتَمَكِّنَيْن، ومع ذلك أُمِيلا، نقول: هذا موقوفٌ على السَّماع، وكثُرت الإمالة فيها، نحو: مَرَّ بها ونظر إليها، وَمَرَّ بِنَا ونظر إلينا، فهذان تَطَّرِد إمالتهما لكثرة استعمالهما.
قوله: (دُونَ سَمَاعٍ) أشار به إلى ما سُمِعت إمالته من الاسم غير المُتمكِّن، وهو (ذَا) الاشارية، (ومتى)، و (أنَّى) وقد أُمِيل من الحروف (بلى)، و (ياء) في النِّداء، وقيل: (حتَّى) وغير ذلك مِمَّا عَدَّه الشُّرَّاح.
(دُونَ سَمَاعٍ غَيْرَ) بالنَّصب، (دُونَ) هذا مُتعلِّق بقوله: (تُمِلْ) وَلَا تُمِلْ دُونَ سَمَاعٍ مَا لَمْ يَنلْ تَمَكُّنَا .. الذي لم ينل .. لم يكن له نصيب من التَّمكُّن لا تُمِله دون سماعٍ، فالأمر موقوفٌ على السَّماع، وما عداه فهو قياسي، يعني: الأسماء المُتمكِّنَة قياس ليس موقوف على السَّماع، وأمَّا غير المُتمكِّن حينئذٍ لا بُدَّ من السَّماع.
(غَيْرَ) هذا منصوب على الحال أو الاستثناء وهو مضاف، و (هَا) مضافٌ إليه، (وَغَيْرَ) معطوف على (غَيْرَ)، وهو مضاف، و (نَا) مضافٌ إليه.
مقتضاه: أنَّ إمالة (ها) و (نا) ليست من القسم المسموع:
دُونَ سَمَاعٍ غَيْرَ هَا ونَا ..
فأملها ولو لم يُسْمَع .. هذا ظاهره، على كلٍ: ليس هذا المراد، مع أنَّها منه وإن كَثُرت، فكان الأولى أن يقول: إلا الذي سُمِع نحو: ها ونا، إذاً قوله:
دُونَ سَمَاعٍ غَيْرَهَا وَغَيْرَنَا ..
هذا يُفْهَم منه أنَّ (ها) و (نا) لم يُسْمَع فيهما الإمالة، وليس الأمر كذلك.
قال الشَّارح: " الإمالة من خَواصِّ الأسماء المُتمكِّنة، فلا يُمَال غير المُتمكِّن إلا سماعاً، إلا (ها) و (نا) فإنهما يُمَالان قياساً مُطَّرِدَاً مع أنَّه سُمِع فيهما، نحو: يريد أن يضربها، وَمَرَّ بِنَا ".
ولا تمنع الإمالة فيما عرض بناؤه نحو: يا فتى .. يا حبلى، لأنَّ الأصل فيه الإعراب، إذاً: إذا كان البناء عارضاً الإمالة لم تُمْنَع، أيضاً: لا إشكال في جواز إمالة الفعل الماضي وإن كان مبنياً خلاف ما أوهمه كلام النَّاظم هنا. الفعل الماضي يُمَال، كذلك ما عَرَض بناؤه كالمنادى نحو؟؟؟ كذلك يُمَال.
لَمَّا فرغ من إمالة الألف وأسبابها انتقل إلى إمالة الفتحة ولها سببان، أشار إلى السبب الأول بقوله:
وَالْفَتْحَ قَبْلَ كَسْرِ رَاءٍ فِي طَرَفْ ... أَمِلْ. . . . . . . . . . . . . . .