والأخرى: أن تُمَال لكونها آخر مُجاور ما أُمِيل آخره كإمالة ألف: تلا، من قوله: ((وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا)) [الشمس:2] تلا .. يتلو؛ فإنَّها إنَّما أُمِيلت لمناسبة ما بعدها مِمَّا ألفه عن ياءٍ، يعني: (جَلَّاهَا) و (يَغْشَاهَا) مثل: ((وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)) [الضحى:1 - 2] سجى .. يسجي، إذاً الألف منقلبة عن ياء، لا إشكال في الإمالة، لكن (الضُّحَى) الأصل ما تُمَال، مأخوذٌ من: (الضَّحوة)، الألف هذه مُنقلِبة عن واو، فالأصل فيها أنَّها لا تُمَال، لكنَّها أُمِيلت لِمجاورة ما بعدها، فالتَّراكيب كلها مُمَالة لختمها بألفٍ.

حينئذٍ ما وُجِد فيه السَّبَب فالسَّبب مُقدَّم للتَّعليل، وما لم يوجد فَأُمِيل مثل: (وَالضُّحَى) نقول: هنا أُمِيل للتَّناسب، ولكنَّه فرقٌ بين (عِمَادَا) وبين (والضُّحَى)، (عِمَادَا) في كلمة واحدة، وأمَّا (الضُّحَى) فلمجاورة تركيبٍ آخر أُمِيل فيه الألف وإن لم يوجد فيه السَّبَب.

وَقَدْ أَمَالُوا لِتَنَاسُبٍ بِلاَ ... دَاعٍ سِوَاهُ. . . . . . . . . . . .

(سِوَاهُ) يعني: سوى التناسب .. الضمير يعود إلى التَّناسب، (كَعِمَادَا) الأصل لا يُقرأ بالتنوين، (كَعِمَادَا وَتَلاَ) إذا قلت: رأيت عمادا، ثُمَّ وقفت عليه فقلبت التَّنوين ألفاً، فحينئذٍ تُمِيل الألفين معاً يعني: الألف التي بعد الميم، والألف المبدلة من التَّنوين، أمَّا الألف التي بعد الميم فلإمالتها سببٌ: وهو كسر العين قبلها، وأمَّا الألف المبدلة عن التَّنوين فلا سبب لإمالتها إلا المناسبة للألف المُمَالة قبلها.

(وَتَلاَ) هذا معطوف على (عِمَادَاً)، كقولك: عماداً، وقولك: (تَلاَ)، من قوله: ((وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا)) [الشمس:2] فالألف فيه منقلبة عن واوٍ فلا حَظَّ لها في الإمالة، لكن أُمِيلت لمناسبة رؤوس الآي، وفيها ما لإمالته سببٌ نحو: ((إِذَا جَلَّاهَا)) [الشمس:3].

قال الشَّارح: " فلا تُمَال الألف الخالية من سبب الإمالة لمناسبة ألفٍ قبلها مشتملةٍ على سبب الإمالة، كإمالة الألف الثانية من نحو: عَمَادَا، لمناسبة الألف المُمَالة قبلها، وكإمالة ألف (تَلاَ) كذلك ".

وَلاَ تُمِلْ مَا لَمْ يَنلْ تَمَكُّنَا ... دُونَ سَمَاعٍ غَيْرَهَا وَغَيْرَنَا

قلنا: الإمالة إنَّما تكون في الأسماء المُتمكِّنَة والأفعال.

قال:

وَلاَ تُمِلْ مَا لَمْ يَنلْ تَمَكُّنَا ... دُونَ سَمَاعٍ. . . . . . . . . . .

يعني: إذا جاء شيءٌ من الأسماء غير المُتمكِّنَة وقد أُمِيل نقول: هذا سماع، يعني: أسماء الإشارة (ذا) إذا أُمِيل نقول: هذا سماع، لأنَّه اسم غير مُتمكِّن، كذلك الحروف كـ: (حتَّى) و (بلى)، سُمِع أنَّها تُمَال حينئذٍ نقول: هذا مسموعٌ، لأنَّ مَحلَّ الإمالة إنَّما يكون في الأسماء المُتمكِّنة.

(وَلاَ تُمِلْ) (لاَ) ناهية، و (تُمِلْ) فعل مضارع مجزومٌ بـ: (لاَ) وجزمه سكون آخره، (مَا) مفعولٌ به، (لَمْ يَنلْ تَمَكُّنَا) (تَمَكُّنَا) مفعول به، و (يَنلْ) الضمير هنا يعود على (مَا)، (وَلاَ تُمِلْ) اسماً أو فعلاً، ونقول: هنا المراد به الاسم، لأنَّ التَّمكُّن إنَّما يُوصف به الاسم دون الفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015