(وَالْكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ) فُهِم منه: أنَّ ذلك ليس عند كلِّ العرب، (قَدْ) للتَّقليل، (قَدْ يُوجِبُهُ) فُهِم منه: أنَّ ذلك ليس عند كلِّ العرب، فإنَّ من العرب من لا يَعْتَدُّ بحرف الاستعلاء إذا ولي الألف من كلمةٍ أخرى فيُميل، يعني كالسَّبب، لا تأثير له إلا إذا كان في كلمةٍ واحدة، وأمَّا ما اختاره النَّاظم فهو أنَّه لو .. فرقٌ بين السَّبب والمانع.
قال في (شرح الكافية): " إنَّ سبب الإمالة لا يُؤَثِّر إلا مُتَّصلاً، وإنَّ سبب المنع قد يُؤَثِّر مُنْفَصِلاً، فيقال: أَتَى أَحْمَدْ، بالإمالة، و (أَتَى قَاسِمْ) بترك الإمالة " والذي اختاره هنا التَّفريق بين السَّبب والمانع، فالسَّبب لا يُؤَثِّر إلا متَّصلاً، والمانع قد يُؤَثِّر وهو منفصل ولكنَّه ليس لغة جميع العرب.
قال الشَّارح: " إذا انفصل سبب الإمالة لم يُؤَثِّر بخلاف سبب المنع فإنَّه قد يُؤَثِّر مُنْفَصِلاً، فلا يُمَال نحو: أَتَى قَاسِمٌ، بخلاف: أَتَى أَحْمَدْ ".
(أَتَى أَحْمَدْ) لماذا يُمَال؟ ليس عندنا مانع ولا .. ، (أَتَى) لوحدها مثل: رَمَى، (رَمَى) .. (أتى) الألف هذه مُنقلِبة عن ياء، إذاً وُجِد السَّبب الأول الذي هو: الألف المبدلة من ياء (الأَلِفَ الْمُبْدَلَ مِنْ يَا فِي طَرَفْ أَمِلْ)، أمَّا: (أَتَى قَاسِمٌ) قَاسِمٌ هنا جاء مانع وهو في الكلمة الثَّانية، وهذا المثال اعترضه الأشْمُونِي.
وَقَدْ أَمَالُوا لِتَنَاسُبٍ بِلاَ ... دَاعٍ سِوَاهُ كَعِمَادَاً وَتَلاَ
(وَقَدْ أَمَالُوا) (قَدْ) للتَّحقيق، هذا السَّبب السَّادس وهو التَّناسب، قلنا: هنا تناسب مثل ما سبق في الصَّرْف، (وَقَدْ أَمَالُوا) (قَدْ) للتَّحقيق، (أَمَالُوا) يعني: العرب، (لِتَنَاسُبٍ) اللام هنا لِلتَّعليل، جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (أَمَالُوا)، (بِلاَ دَاعٍ سِوَاهُ) أمالوا بلا داعٍ سواه، (بِلاَ دَاعٍ) يعني: بلا سَبَبٍ من الأسباب الخمسة السَّابقة، (سِوَاهُ) يعني: سوى التَّناسب، لو وُجِد سبب آخر غير التَّناسب أحلنا عليه، لكن هنا لا يوجد أي سبب من الأسباب الخمسة السَّابقة، حينئذٍ عُلِّق الحكم على ما ذُكِر.
هذا هو السَّبب السَّادس من أسباب الإمالة وهو التَّناسب، وتسمَّى: الإمالة للإمالة، والإمالة لمجاورة المُمَال، وإنَّما أخَّرَه لضعفه بالنِّسبَة إلى الأسباب المُتقدِّمة، ولإمالة الألف لأجل التَّناسب صورتان:
إحداهما: أن تُمَال لِمجاورة ألفٍ مُمَالة، كإمالة الألف الثانية في نحو: رَأَيْتُ عِمَادَا، (عماداً) إذا وقفت عليه تقف بالألف، الألف الأولى لها سبب: وهو كسر ما قبلها مثل (كتاب)، والألف الثانية التي هي بدلٌ عن التَّنوين ليس لها سبب، ومع ذلك يجوز إمالتها لِمجاورتها للألف التي أُمِيلت السَّابقة، إذاً: لم يوجد سبب الإمالة في الألف التي هي بدلٌ عن التَّنوين إلا كونها مُجاورة للألف المُمَالة حينئذٍ أخذت حكمها.
أن تُمَال لمجاورة ألفٍ مُمَالة، كإمالة الألف الثانية في نحو: رأيت عمادا، الألف الثانية بعد الدَّال التي محل الوقف، هذه ألفٌ مُبدلة عن نون، فإنَّها لمناسبة الألف الأولى فإنَّها مُمَالةٌ لأجل الكسرة: عِمَا، مثل (كتاب).