يعني: سببٍ غير مُتَّصل، بأن يكون منفصلاً من كلمةٍ أخرى، فلا تُمَال ألف: سابور، للياء قبلها في قولك: رَأَيْتُ يَدَيْ سَابُور، (سابور) لا تقل الألف هنا وقعت قبلها ياء (يَدَيْ)، هنا جاء السَّبَب الياء سابق عن ألف وَفُصِل بينهما بِحرفٍ لَكنَّه في كلمة مُنفصلة، وإنَّما يكون سبباً للإمالة إذا كان في نفس الكلمة.
إذاً: لا تُمَال ألف (سَابُور) للياء قبلها في كقولك: رأيت يدي سابورٍ، (يَدَي) آخره ياء، ثُمَّ قلت: سا .. وقعت الألف ثالثة باعتبار الياء، نقول: لا .. هنا لا تُمَال، لأنَّ هذه الألف مُنفصلة، ولا ألف (مالٍ) للكسرة قبلها في قولك: لهذا الرجل مالٌ، ما .. كسرة ثُمَّ ميم ثُمَّ ألف، هل تُميل؟ لا، لأنَّ سبب الكسرة منفصل بكلمةٍ أخرى، وَيُشْتَرَط: أن يكون في كلمة واحدة.
وكذلك لو قلت: ها إِنْ ذِي عِذْرَه، بالكسر .. (عِذْرَه) و (عُذْرَه) بالكسر، لم تُمِل ألف ها لكسرة إن (إِنْ عِذْرَه) هنا لا تُمَال؛ لأنَّها من كلمةٍ أخرى، والحاصل أنَّ شرط تأثير سبب الإمالة: أن يكون من الكلمة التي فيها الألف.
وَالْكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ ..
هذا عكسه، يعني: الكَفُّ بحرف الاستعلاء قد لا يكون في نفس الكلمة ويمنع الإمالة.
(وَالْكَفُّ) هذا مبتدأ، (قَدْ يُوجِبُهُ) الجملة خبر، (قَدْ) للتَّقليل هنا، (يُوجِبُهُ) يوجب الكَفَّ، (مَا يَنْفَصِلْ) (مَا) هذا فاعل (يُوجِب)، والضمير (يُوجِبُهُ) في محل نصب مفعول به، و (يَنْفَصِلْ) الجملة لا مَحلَّ لها من الإعراب صلة الموصول، (يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ) يعني: الذي ينفصل، ويصدق على الكاف الذي هو حرف الاستعلاء، أو الرَّاء غير المكسورة.
وَالْكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ ..
يعني: من الموانع كما في نحو: يُرِيْدُ أَنْ يَضْرِبَها قَبْل، هل تُمَال الألف هنا: يَضْرِبَها قَبْل .. قبل أختها مثلاً؟ قاف منفصلة، وقبلها ألف في آخر كلمة أخرى.
وَالْكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ ..
يعني: لا يُشْتَرط في الكَافِّ الذي يَكُف: أن يكون مُتَّصلاً بنفس الكلمة، بل قد يكون منفصلاً بخلاف السَّبَب، السَّبَب لا يُؤَثِّر إلا إذا كان في نفس الكلمة .. كسرة أو ياء، أمَّا إذا كان في كلمة مُستقلَّة والألف في كلمة أخرى فلا إمالة، بخلاف الكَفْ.
وَالْكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ ..
من الموانع كما في نحو: يُرِيْدُ أَنْ يَضْرِبَها قَبْل، فلا تُمَال الألف لأنَّ القاف بعدها، وهي مانعةٌ من الإمالة، هنا منعت مع كونها مُنفصلة، وإنَّما أثَّر المانع مُنفصلاً ولم يُؤَثِّر السَّبب منفصلاً؛ لأنَّ الفتحة - يعني: ترك الإمالة - هو الأصل، فَيُصَار إليه لأدنى سبب، ولا يخرج عنه إلا لسببٍ مُحقَّق، يعني: السَّبب في الإمالة لا بُدَّ أن يكون مُحقَّقاً.
وإذا وُجِد منفصلاً في كلمةٍ أخرى حينئذٍ ضَعُف وجود السَّبَب، وأمَّا المانع فهو يَرُدُّنا إلى الأصل وهو: تحقيق الفتحة وَعَدَم الإمالة، فأدنى ما يَرُدُّنا إلى الأصل نَتَمَسَّك به، فما دام أنَّ المانع وهو حرف الاستعلاء قد وُجِد بعد ألفٍ في كلمةٍ منفصلة، وحينئذٍ نقول: هذا يُؤَثِّر في عدم الإمالة.