(قَرَارِ) الألف هذه تمنعها الرَّاء السَّابقة، لأنَّها مفتوحة فهي من الموانع، حينئذٍ منعتها من التأثير الرَّاء المكسورة التي بعد الألف، ومن العجب أنَّ الراء المكسورة تَكُّف نفسها إذا كانت مفتوحة. ولا أثر فيه لحرف الاستعلاء ولا للرَّاء غير المكسورة، لأنَّ الرَّاء المكسورة غلبت المانع .. قُدِّمت عليه وكفَّته عن المنع فلم يبق له أثر.

وسبب كَفِّ الرَّاء المكسورة لنفسها ولحرف الاستعلاء: أنَّها مُكَرَّرة، فتضاعفت فيها الكسرة فقوي بذلك على سبب الإمالة.

وَكَفُّ مُسْتَعْلٍ وَرَا يَنْكَفُّ ... بِكَسْرِ رَا. . . . . . . . . . . .

(بِكَسْرِ رَا) المراد به: الرَّاء المكسورة، لأنَّ الرَّاء المكسورة بِمنْزلة حرفين مكسورين، فَقوَّت جَنْبَ الإمالة، وهذا عند جمهور العرب، وبعضهم يجعل الرَّاء المكسورة مَانعةً من الإمالة كالمفتوحة والمضمومة، لكن المشهور هو الأول.

بِكَسْرِ رَا كَغَارِماً لاَ أَجْفُو ..

كقولك: (غَارِماً) هذا مفعول مُقدَّم لقوله: (أجْفُو) .. (لاَ أَجْفُو) (لاَ) نافية، و (أَجْفُو) فعل مضارع مرفوع بضَمَّة مُقدَّرة.

ومن هنا عُلِم أنَّ شرط كون الرَّاء المانعة من الإمالة: أن تكون غير مكسورة، لأنَّه قال: (وَكَذاَ تَكُفُّ رَا) أطلق النَّاظم هنا فَشَمِل المفتوحة والمضمومة والمكسورة، وحينئذٍ الرَّاء المكسورة تَمنع تأثير المانع، اقتضى أن نُقَيِّد قوله: (وَكَذاَ تَكُفُّ رَا) بأنَّ المراد بها: المضمومة أو المفتوحة لا المكسورة.

قال الشَّارح: " يعني أنَّه إذا اجتمع حرف الاستعلاء أو الرَّاء التي ليست مكسورة مع المكسورة غلبتها المكسورة، وَأُمِيلَت الألف لأجلها، فَيُمَال نحو: (عَلَى أَبْصَارِهِمْ)، و (دَارُ الْقَرَارِ) ".

" وَفُهِم منه جواز إمالة نحو: حِمَارِكَ، لأنَّه إذا كانت الألف تُمَال لأجل الرَّاء المكسورة مع وجود المقتضِي لترك الإمالة وهو حرف الاستعلاء، أو الرَّاء التي ليست مكسورة، فإمالتها مع عدم المقتضي لتركها أولى وأحرى " إذا كانت الرَّاء المكسورة تمنع تأثير المانع، فإذا لم يوجد مانع من باب أولى أنّهَا تُمَال معها الألف.

وَلاَ تُمِلْ لِسَبَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ ... وَالْكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ

(وَلاَ تُمِلْ) (لاَ) ناهية، (تُمِلْ) فعل مضارع مجزوم بـ: (لاَ)، (تُمِلْ لِسَبَبٍ) سواءٌ كان كسرة أو ياء، وسواءٌ تَقدَّم على الألف أو تَأخَّر، أطلق النَّاظم هنا.

وَلاَ تُمِلْ لِسَبَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ ..

(لِمْ يَتَّصِلْ) هذه الجملة نعت لـ: (سَبَبٍ)، (لِسَبَبٍ) غير مُتَّصلٍ؛ بأن يكون مُنفصلاً من كلمةٍ أخرى .. هذا المراد، ليس المراد أن يُفْصَل بين الألف (كِتَابْ)، هناك فُصِل بينهما، لكن المراد هنا الفاصل قد يكون في كلمة والألف في كلمة، هناك قال:

وَلاَ تُمِلْ لِسَبَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ ..

بأن يكون منفصلاً من كلمةٍ أخرى، حينئذٍ الإمالة ونحوها تكون في كلمة واحدة، هذا مثل المَدّ المنفصل والمتَّصِل.

وَلاَ تُمِلْ لِسَبَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015