قال المكُودِي: " وهذه الصُّور كلها مأخوذة من كلام النَّاظم " لكن الثالثة تحتاج إلى تَأَمُّل: أن تكون منفصلة بحرفين مُتَحَرِّكين ثانيهما الهاء، النَّاظم هنا قَيَّد إلا إذا جُعِل قوله:

وَفَصْلُ الْهَا كَلاَ فَصْلٍ يُعَدْ ..

أنَّه عام، وَمَثَّل (فَدِرْهَمَاكَ) لأحد النَّوعين وسكت عن النوع الثاني، يحتمل هذا .. يحتمل أنَّ قوله:

وَفَصْلُ الْهَا كَلَا فَصْلٍ يُعَدْ ..

أنَّه عام، يشمل ما إذا كان الفصل بحرفين مُتَحَرِّكين وثالثهما الهاء، أو بحرفين الأول ساكن وثالثهما هاء، ومَثَّل لأحد النَّوعين .. هذا مُحتملٌ، لكن يحتاج إلى تأمل.

قال الشَّارح: " كذلك تُمَال الألف إذا وليتها كسرةٌ نحو: عَالِمْ، أو وقعت بعد حرفٍ يلي كسرةً نحو: كِتَاب، أو بعد حرفين وليا كسرةً أولهما ساكن نحو: شِمْلَالْ، أو كلاهما مُتَحَرِّك ولكن أحدهما هاء نحو: يُرِيد أَنْ يَضْرِبَها - وهذا يحتاج كما ذكرنا -، وكذلك يُمَال ما فصل فيه الهاء بين الحرفين اللذين وقعا بعد الكسرة أولهما ساكن نحو: هذان درهماك " والله أعلم، إذاً: خمس صور أدخلوها في كلام النَّاظم.

إذاً: معنى البيتين:

أي كذا تُمَال الألف إذا وليتها كسرةٌ نحو: عَالِمْ ومساجد، أو وقعت بعد حرفٍ يلي كسرةً نحو: كِتَاب، أو بعد حرفين وليا كسرةً أولهما ساكن نحو: شِمْلَالْ، أو كلاهما مُتَحَرِّك ولكن أحدهما هاء نحو: يُرِيد أَنْ يَضْرِبَها، أو ثلاثة أحرف أولُّها سكن وثانيها نحو: هذان درهماك، وهذا والذي قبله مأخوذان من قوله:

وَفَصْلُ الْهَا كَلاَ فَصْلٍ يُعَدْ ..

فإنَّه إذا سقط اعتبار الهاء من الفصل ساوى (أن يضربها) كِتَاب، و (درهماك) نحو: شملال، وَفُهِم من كلامه: أنَّ الفصل إذا كان بغير ما ذُكِر لم تَجُز الإمالة.

إذاً: النَّاظم هنا ذكر قوله:

وَفَصْلُ الْهَا كَلاَ فَصْلٍ يُعَدْ ..

حينئذٍ يُعَمِّمُه ليشمل الصورتين فتكون خمس صور، وعلى هذا حمله ابن عقيل وكذلك الأشموني.

ثُمَّ لَمَّا فرغ من ذكر الغالب من أسباب الإمالة، وبقي سبب واحد سيذكره وهو: التناسب، هذه خمسة أسباب فيما سبق، شرع في ذكر موانعها، يعني: قد توجد الأسباب السابقة ويوجد مانع.

قبل ذلك بقي من أسباب الإمالة: وقوع الياء قبل الألف، هذه تركها عَمْداً النَّاظم هنا وفاقاً لسيبويه، من أسباب الإمالة: وقوع الياء قبل الألف أو بعدها، ولم يذكر هنا إمالة الألف لياءٍ بعدها، وذكرها في (الكافية) و (التسهيل) وشرطها: إذا وقعت بعد الألف أن تكون متَّصلة نحو: بايعته وسايرته، ولم يذكر سيبويه إمالة الألف الياء بعدها، لذلك هنا تركها في هذا النَّظم.

إذاً نقول: شرع في بيان الموانع التي تُزِيل تأثير تلك الأسباب، لأنَّ السبب إذا وُجِد فالأصل أنَّه يُؤَثِّر، وقد يكون السَّبَب موجوداً ولا يُؤَثِّر لوجود مانعٍ .. قد توجد الأسباب السَّابقة ويوجد مانع ولكن هذا المانع منع من تأثير هذا السَّبب، فقال رحمه الله:

وَحَرْفُ الاِستِعْلاَ يَكُفُّ مُظْهَرَا ... مِنْ كَسْرٍ اوْ يَا وَكَذاَ تَكُفُّ رَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015