(كَذَاكَ) هذا إشارة إلى السَّبَب الرَّابع، وما هو السَّبب الرَّابع؟ ياءٌ قبلها أو بعدها، يعني: أن يقع قبل الألف ياء أو يقع بعد الألف ياء .. هذا أو ذاك، (كَذَاكَ) أي: مثل السَّابق في جواز الإمالة .. إمالة الألف (تَالِي الْيَاء) ما كان تالياً للياء .. ألفٌ تَالٍ للياء، (تَالِي الْيَاءِ) يعني: الألف تلت ياءً، فالياء تكون قبلها.

وَالْفَصْلُ اغْتُفِرْ بِحَرْفٍ أَوْ مَعْ هَا ..

يعني: تُمَال الألف التي تتلو ياءً أي: تتبعها، (مُتَّصلةً بها) هذا الأصل نحو: سَيَال أو بَيَان، (بَيَان) الألف هذه تُمَال لكونها مسبوقة بالياء، إذاً: ألفٌ سبقتها ياء فالألف صارت تابعةً للياء تُمَال، هنا مُتَّصلة أو مُنْفَصِلة؟ مُتَّصلة .. الألف سبقتها ياء وهي مُتَّصلةٌ بهاء.

أو منفصلة، لذلك قال: (وَالْفَصْلُ اغْتُفِرْ بِحَرْفٍ) أو حرفين (مَعْ هَا)، لو كان ثَمَّ فَصلٌ بين الياء والألف بحرفٍ مُغْتَفَر، وإذا كان بحرفين اشْتُرِط أنْ يكون أحد الحرفين هاء، وقيل: الثاني .. إما أن يكون أحد الحرفين هاء ولو كان الأول، وقيل: يُشْتَرَط فيه أن يكون الثاني هاءً، نحو (سَيَال) لِضَرْبٍ من شجر العِضَاه، أو منفصلة بحرفٍ نحو: شَيْبَان، شَيْبَان ألفٌ قبلها ياءٌ فصل بينهما حرفٌ وهو الباء كذلك تُمَال: شَيْبَان.

أو بحرفين ثانيهما هاءٌ، يعني: فُصِل بين الياء والألف بحرفين لكن ثاني الحرفين ياء: (جَيْبَهَا أَدِرْ) مَثَّل له النَّاظم: أَدِرْ جَيْبَهَا، (جَيْبَهَا) ألفٌ قبلها هاء وقبلها باء، إذاً: فُصِل بين الياء والألف بحرفين: الباء والهاء، ولكن الثَّاني هاء.

مفهومه: إن فُصِل بحرفين ليس ثانيهما هاء أو أكثر من حرفين فلا إمالة، لأنَّه قال: (كَذَاكَ تَالِي الْيَاْ) هذا الأصل فيه: أنَّها لا تُمَال إلا إذا كانت الألف تابعةً للياء، يعني: بلا فَصْلٍ، ثُمَّ قال: (وَالْفَصْلُ اغْتُفِرْ) لَمَّا قال: (الْفَصْلُ اغْتُفِرْ) علمنا أنَّ (الْفَصْلَ) عكس الأصل، فالأصل: هو الوصل، (وَالْفَصْلُ) مُغتفرٌ حينئذٍ هو خروجٌ عن القياس، وإذا كان كذلك يُنَصُّ عليه.

(وَالْفَصْلُ اغْتُفِرْ بِحَرْفٍ) واحد، أو بحرفين (مَعَ هَاءٍٍ)، فإن كان بحرفين لا مع هاء، أو أكثر من حرفين حينئذٍ نقول: لا إمالة، إذاً: تُمَال الألف التي تتلو ياءً، أي: تتبعها مُتَّصِلَةً بها نحو (بيان) أو (سيال)، أو منفصلة بحرفٍ نحو (شَيْبَان)، أو بحرفين ثانيهما هاء كما مثَّل النَّاظم: (جَيْبَهَا أَدِرْ)، فإن كانت منفصلة بحرفين ليس أحدهما هاء، أو بأكثر من حرفين امتنعت الإمالة، وهذا ظاهر كلام النَّاظم رحمه الله تعالى.

كَذَاكَ تَالِي الْيَاْ وَالْفَصْلُ اغْتُفِرْ ... بِحَرْفٍ أَوْ مَعْ هَا. . . .

قوله: (كَذَاكَ) هذا خبر مُقدَّم، و (تَالِي) مبتدأ مُؤَخَّر، (تَالِي) مضاف، و (الْيَاْ) مضاف إليه، هذه جملة .. هذا الأصل، (كَذَاكَ تَالِي الْيَاْ) هذا هو السَّبب الرَّابع، ثُمَّ هل هذا على ظاهره؟ لأنَّ ظاهره إذا فُصِل بينهما بأيِّ فاصلٍ زال السَّبب فلا تُمَل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015