إذاً: مثَّل للواو بـ: خَفْ، وللياء بـ: دِنْ، ثُمَّ أضاف (كَمَاضِي خَفْ) إذاً: قُصِد لفظه، و (وَدِنْ) كذلك قُصِد لفظه، فهما اسمان، (خِفْتُ) هذا فعل ماضي، (خَفْ) هذا فعل أمر فرقٌ بينهما، لَمَّا قلت: خِفْ .. خِفْتُ .. خَفْ، الفاء الأصل أنَّها مفتوحة، فما كان على: خَفْ، لا إشكال فيه، إنَّما السؤال عن (خِفْتُ) لماذا قيل: خِفْتُ؟
نقول: هنا خُشِي التباس الباب هل هو من باب (فَعِلَ) أو (فَعَلَ) أو (فَعُلَ)، حينئذٍ أُلْقِيَت كسرة العين إلى الفاء قيل: خِفْتُ، فهذه الكسرة لِلدَّليل على أنَّ بابه (فَعِل) لأنَّه لو قيل: خِفْتُ .. خَاف، الفاء هذه لام الكلمة، أين العين؟ محذوفة، إذا حُذِفت العين حُذِف الباب، لا نُمَيِّز بين (فَعَلَ) و (فَعِلَ) و (فُعَل) إلا بالعين، فإذا حُذِفت التبس الباب، لأنَّ الفاء مفتوحة، واللام على حسب ما يَتَّصل بها.
بقي العين، هي التي تُمَيِّز الباب: هل هو من باب (فَعِل) أو (فَعَلَ) أو (فَعُلَ)، فإذا حُذِفت حينئذٍ لا بُدَّ من دليلٍ عليه.
وَهَكَذَا بَدَلُ عَيْنِ الْفِعْلِ إِنْ ... يَؤُلْ. . . . . . . . . . . . . . .
قوله: (بَدَلُ عَيْنِ الْفِعْلِ) فُهِم منه: أنَّ بدل عين الاسم لا تُمَال مُطلقاً، لأنَّه قَيَّده بالفعل، وَفَصَّل بعضهم بين ما هي عن ياءٍ نحو: نَابَ نَوْباً وَعَابَ بمعنى: العيب فيجوز، وبين ما هي عن واوٍ نحو: باب ودار، فلا يجوز، (نَابٍ) و (عَابٍ) ليست بفعل، وإنَّما هي أسماء.
قال الشَّارح: " أي كما تُمَال الألف المُتَطَرِّفَةُ كما سبق تُمَال الألف الواقعة بدلاً من عين فِعْلٍ يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن (فِلْتُ) بكسر الفاء، سواءٌ كانت العين واواً كـ: خَافَ، أو ياءً كـ: بَاعَ ودان، فيجوز إمالتها كقولك: خِفْتُ وَدِنْتُ وَبِعْتُ ".
إذاً الحاصل: أنَّ الألف التي هي عين الفعل تُمَال إن كانت عن ياءٍ مفتوحة في الأصل نحو: دان، أو ياء مكسورة نحو: هاب، مأخوذٌ من الهيبة، أو عن واوٍ مكسورة نحو: خَاف، فإن كانت عن واوٍ مضمومة نحو: طال، أو مفتوحة نحو: قال، لم تُمَلْ، وهذا قلنا: أصلها داخل في قوله: (بَدَلُ عَيْنِ الْفِعْلِ) لأنَّه أطلق، وأخرج ما كانت عينه مضمومة أو مفتوحة بقوله: (إِنْ يَؤُلْ إِلَى فِلْتُ)، لأنَّ العين إذا كانت مفتوحة لا يأتي على وزن (فِلْتُ)، وإنَّما على وزن (فُلْتُ).
وَنُقِل عن بعض الحجازيين إمالة نحو: خَافَ وطَابَ، وفاقاً لبني تميم، وعَامَّتُهم يُفَرِّقون بين ذوات نحو (خاف) فلا يُمِيلُون، يعني: ما كان مُنقلباً عن واو، وبين ذوات الياء نحو (طَابَ) فَيُمِيلُون، إذاً: عَامَّة الحجازيين التَّفريق في باب (خَافَ) ونحوه.
فإن كان الفعل يصير عند إسناده إلى التاء على وزن (فُلْتُ) بِضَمِّ الفاء امتنعت الإمالة نحو: قال وجال، فلا تُمِلْهَا كقولك: قُلْتُ وجُلْتُ.
كَذَاكَ تَالِي الْيَاءِ وَالْفَصْلُ اغْتُفرْ ... بِحَرْفٍ اوْ مَعْ هَا كَجَيْبَهَا أَدِرْ