- والثاني الجواز مطلقاً: زَيْدٌ قَامه .. زَيْدٌ قَعَدَه، تقف عليه بهاء السَّكْت، والأول يمنع، والثاني: الجواز مطلقاً (مطلقاً) يعني: سواءٌ ألبس أم لا، لأنَّك إذا قلت: زَيْدٌ قعده، الهاء هنا لا يلتبس أنَّه مفعولٌ به، إذاً: أُمِن اللبس مع: قعده، زَيْدٌ جَلَسَه .. زَيْدٌ ضَرَبَه، الثاني (ضَرَبَه) يحتمل أنَّه مفعولٌ به .. ضَرَبَهُ، ووقفت عليه بالسُّكون، إذاً: (زَيْدٌ ضَرَبَهْ) هذا فيه لبسٌ، إذاً: زَيْدٌ ضَرَبَ، لا تقف عليه بهاء السَّكْت.
إذاً المذهب الثاني: الجواز مطلقاً.
- والثالث: الجواز إن أُمِن اللبس نحو: قعده، والمنع إن خِيف اللبس نحو: ضَرَبَه، لأنَّ (قَعَدَه) لا يلتبس الضمير هنا هاء السَّكْت بالمفعول، لأنَّ (قَعَدَه) هذا لازم فلا ينصب مفعولاً به، وأمَّا: زَيْدٌ ضَرَبَه، إذا وقفت عليه بهاء السَّكْت حينئذٍ يلتبس .. يظن السَّامع أنَّ هذا مفعولٌ به (زَيْدٌ ضَرَبَهُ) ووقفت عليه بهاء السَّكْت، إذاً: هذا فيه لبسٌ.
والأول مذهب سيبويه -الذي هو المنع مطلقاً-، واختاره المصنِّف؛ لأنَّ حركته وإن كانت لازمة فهي شبيهةٌ بحركة الإعراب، لماذا شبيهةٌ بِحركة الإعراب؟ لأن الماضي إنَّما بُنِي على حركة، الأصل فيه أنَّه مَبْنِيٌّ على السُّكون، قلنا فيما سبق: بُنِي على حركة لشبهه بالفعل المضارع .. وقوعه خبراً وصلةً وصفةً ونعتاً وحالاً، لَمَّا أشبه الفعل المضارع حينئذٍ حُرِّك، إذاً: حركته هنا شبيهةٌ بالحركة الإعرابية، وحينئذٍ البناء غير اللازم والشبيه بحركةٍ إعرابية مثل المُنَادى واسم (لا) قلنا: هذا لا تلحقه هاء السَّكْت، فاحترز به عن الماضي، لأنَّ الماضي إنَّما بُنِي على حركةٍ لشبهه بالمضارع المعرب كما سبق بيانه في أول الكتاب.
إذاً:
وَوَصْلَ ذِيْ الْهَاءِ أَجِزْ بِكُلِّ مَا ... حُرِّكَ تَحْرِيْكَ بِنَاءٍ لَزِمَا
إذاً: هذا الموضع الثالث مِمَّا تلحقه هاء السَّكْت: كُلُّ مَبْنِيٍّ على حركة بناءٍ دائمٍ ولم يشبه المعرب، (لم يُشبه المُعرب) هذا احترزنا به عن الماضي، واحترزنا به عمَّا له حالان: قد يكون في حالٍ معرب، وقد يكون في حالٍ مبني، كالمنادى، واسم (لا)، وقبل، وبعد، ونحو ذلك، فهذه لا تلحقها هاء السَّكْت، لأنَّ البناء ليس بلازم، ثُمَّ الحركة هذه مُشْبِهَةً للحركة الإعرابية.
وَوَصْلُهَا بِغَيْرِ تَحْرِيكِ بِنَا ... أُدِيمَ شَذَّ. . . . . . . . . . . .
فشمل نوعين: الحركة الإعرابية، والحركة البنائية ليست اللازمة، (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا) أشار به إلى أنَّ الوصل .. وصل هاء السَّكْت هنا ليس بواجب وإنَّما هو مُسْتَحْسَن.