(بِغَيْرِ تَحْرِيكٍ) يعني: بغير مُتَحَرِّكٍ بحركة بناءٍ لازمٍ (شَذَّ)، (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا)، (فِي الْمُدَامِ) يعني: في المبني المُدَام البناء، (اسْتُحْسِنَا) إذاً: يجوز فيه الوجهان، والوصل أحسن من عدم الوصل.
معنى البيت: أنَّ وصل هاء السَّكْت بغير الحركة التي للبناء المُدَام شاذٌّ، ووصلها بحركة البناء مُسْتَحْسَنٌ، وَفُهِم منه: أنَّه لا يُوصل بحركة الإعراب البتَّة، لأنَّه قيَّده بـ (بِنَا)، ثُمَّ البناء قد يكون لازماً وقد لا يكون، إذا لم يكن لازماً الوصل به شَاذٌّ، وإن كان لازماً فحينئذٍ يُسْتَحْسَن الوصل وليس بواجبٍ.
(وَوَصْلُهَا) يعني: هاء السَّكْت، (بِغَيْرِ تَحْرِيكِ بِنَا) بِنَاءٍ، (أُدِيمَ شَذَّ) هذا سيأتي مثاله، (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا) يعني: أنَّ هاء السَّكْت لا تَتَّصل بِحركة إعرابٍ ولا شبيهةٍ بِها، ولذلك لا تلحق اسم (لا)، ولا المُنَادى المضموم، ولا ما بُنِي لقطعه عن الإضافة كـ: قَبْلُ وَبَعْد، (قَبْلُ) و (بَعْد) لا تلحقه هاء السَّكْت لأنَّه غير مُدَام .. غير لازم، قد لا يُنْوَى حذف المضاف فتنفصل. ولا ما بُنِي لقطعه عن الإضافة كـ: قبل وبعد، ولا العدد المُرَكَّب نحو: خمسة عشر، لأنَّ حركات هذه الأشياء مُشابهةٌ لحركة الإعراب، يعني: غير دائم البناء قد يَنْفَكُّ، خَمْسَةٌ وعشرة تقول.
قوله: (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا) (فِي الْمُدَامِ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (اسْتُحْسِنَا)، الذي هو (الوَصْل) الضمير يعود على (الوصل)، والألف هذه للإطلاق، و (الْمُدَام) اسم مفعول من: أَدَامَ يُدَامُ فهو مُدَامٌ، أشار به: إلى أنَّ وصل هاء السَّكْت بِحركة المدام البناء أي: الملتزم، جائزٌ مُسْتَحْسَن.
إذاً: الموضع الثالث: كل مَبْنِيٍّ على حركة بناءٍ دائمٍ، هذا الموضع الثالث كله جائز .. ليس فيه واجب، بخلاف الموضع الأول: الفعل المُعل بحذف الآخر منه واجب وجائز، و (مَا الاسْتِفْهَامِ) منه واجب وجائز، الموضع الثالث كله جائز .. ليس فيه واجب وإنَّما هو مُسْتَحْسَنٌ.
إذاً: (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا) أشار به إلى أنَّ وصل هاء السَّكْت بِحركة المُدَام البناء أي: ملتزم البناء جائزٌ مُسْتَحْسَنٌ، وذلك كفتحة: هُوَ وَهِيَ وَكَيْفَ وَثَمَّ، فيقال في الوقف: هُوَهْ وَهِيَهْ وَكَيْفَهْ وَثَمَّهْ، بهاء السَّكْت.
قوله:
وَوَصْلُهَا بِغَيْرِ تَحْرِيكٍ ..
قال الأشْمُونِي هنا: "يقتضي أنَّ وصلها بحركة الإعراب قد شَذَّ أيضاً، لأن كلامه يشمل نوعين: أولاً: تحريك البناء غير المدام، والآخر تحريك الإعراب، وليس ذلك إلا في الأول" وهذا فيه نظر! (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا) يقتضي جواز اتِّصالها بحركة الماضي، لأنَّ الماضي بناؤه لازم.
قوله: (فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا).
قال الأشْمُونِي: "يقتضي جواز اتِّصالها بحركة الماضي، لأنَّها من التَّحريك المُدَام، وفي ذلك ثلاثة أقوال" ثلاثة مذاهب، هل إذا وُقِف على الفعل الماضي تلحقه هاء السَّكْت أم لا؟ فيه ثلاثة مذاهب:
- الأول: المنع مطلقاً.