هي محذوفة، كيف نحذف المحذوف؟ المراد بالحذف هنا: عدم رَدِّها، نُفَسِّر قوله: (وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ) أي: عدم ردِّها، وإلا فهي محذوفة قبل الوقف لالتقاء الساكنين، إذا قلت: جاء قاضٍ، حذف الياء .. هي محذوفة كيف تحذفها؟ جاء قاض. ز احذف الياء، إذا قيل: جاء قاضٍ، قف عليه: جاء قَاضْ، احذف الياء .. كيف تحذفها؟ هي محذوفة أصلاً، حذف المحذوف ممنوع.

فحينئذٍ نُفَسِّر قوله:

وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ ..

أي: عدم ردِّها، يعني: استصحب الحذف في الوقف، وإلا فهي محذوفة قبل الوقف لالتقاء الساكنين.

إذاً: حكم (يَا الْمَنْقُوص) قال: حَذْفُ ..

وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ مَا ... لَمْ يُنْصَبْ. . . . . . . . .

مَا لَمْ يُنْصَبَ، (لَمْ) حرف جزم، (يُنْصَبَ) بالفتح، هذه الحركة ليست حركة إعراب وإنما حركة بِنْيِة، أصلها: (أَوْلَى) همزة مفتوحة، أُرِيد حذف الهمزة للضرورة فَأُسْقِطَت حركتها على ما قبلها، فَسَهُل حذفها فَحُذِفت، أصلها: (أَوْلَى)، تقول هكذا: (لَمْ يُنْصَبَ اوْلَى) ما نطقت بالهمزة، هي: (أَوْلَى) .. ((أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى)) [القيامة:34] حينئذٍ نقول: (أَوْلَى) همزتها همزة قطع، لكنَّها لم اضْطُرَّ إلى حذفها هنا ألقى حركتها على ما قبلها وهو ساكن (يُنْصَبَ) إذاً: الحركة هنا حركة بنية وليس هو فعل مضارع منصوب بـ: (لَمْ)، إنَّما (لَمْ) هذه جازمة، و (يُنْصَبَ) فعلٌ مضارع مجزومٌ بـ (لَمْ) وجزمه سكونٌ مقدَّر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة النقل، هذه حركة بنية، لأنَّ الأصل: (أَوْلَى).

إذاً: (مَا لَمْ يُنْصَبْ) استثنى حالة النَّصب، فُهِم منه: أنَّ الياء لا تُحْذَف من المنصوب نحو: رأيت قاضياً، قف عليه، تبقي الياء كما هي فتقول: رأيت قَاضَيا: ((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيا)) [آل عمران:193] لو وقفت عليه تقول: مُنَادِيا، تبقي الياء على حالها.

وَفُهِم من البيت الأول من الباب: أنَّ المنقوص المُنَوَّن المنصوب يُبْدَل فيه التنوين ألفاً، حينئذٍ تقول: قاضياً .. قاضيا، بإثبات الياء وعدم حذفها.

إذاً: قوله: (مَا لَمْ يُنْصَبْ) له مفهوم: وهو أنَّه إذا نُصِب له حكمٌ مخالفٌ لما ذكره بقوله: (وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ) إذاً: لا تُحْذَف.

وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ. . ... . . . . . أَوْلَى مِنْ ثُبُوتٍ. . . .

إذاً: يجوز فيها الوجهان: الحذف، وعدم الحذف، لأنَّه عبَّر بـ: (أَوْلَى) والشيء لا يكون أولى إلا مع جواز غيره.

إذاً: يجوز في المنقوص ذي التنوين بشرط: أن لا يكون منصوباً يجوز فيه وجهان: حذف الياء، وعدم حذفها فتقول: جاء قَاضْ، ومررت بِقَاضْ، وجاء قاضي، ومررت بقاضي، يجوز فيه الوجهان، إلا أنَّ الحذف أولى وهو مُرَجَّح، ولذلك قرأ ابن كثير: ((وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي)) [الرعد:7] بإثبات الياء، مع كونه (هَادٍ) مع كونه نكرة يعني: مُنَوَّن، ولكن وقف عليه بالياء: ((وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالِي)) [الرعد:11] وقف عليه بالياء، والأرجح في غير المُنَوَّن الإثبات كـ: هذا القاضي ومررت بالقاضي، كما سيأتي.

إذاً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015