واختاره ابن عصفور وإجماع القُرَّاءِ السَّبعة على خلاف ابن عصفور، يعني: لا يُوقف عليها بالنون، وإنَّما يُوقف عليها بالألف، إذاً: قول جماهير النُّحاة: أنَّ الوقف على النون من: (إِذاً) بالألف .. تُبْدَل النون ألفاً، قد يقول قائل: هي ليست بتنوين؟ نقول: أشبهت هذه النون التنوين فَأُلْحِقَت بها، يَدُلُّ عليه ما ذكره ابن هشام في التَّوضيح: أنَّ إجماع القُرَّاء السَّبعة على خلاف ابن عصفور في الوقف عليها بالنون دون الألف.

(وَأَشْبَهَتْ إِذاً مُنَوَّنَاً) مفعول به، (نُصِبَ) يعني: منصوباً.

فَأَلِفَاً فِي الوَقْفِ نُونُهَا قُلِبْ ..

(نُونُهَا) نون (إِذَاً) هذا مبتدأ، (قُلِبَ) أي: النون، (قُلِبَ) فعل ماضي مغيَّر الصيغة، والضمير المستتر نائب فاعل يعود إلى النون، والجملة في محلِّ رفع خبر المبتدأ.

نونها قُلِبَ ألفاً (أَلِفَاً) هذا حال من ضمير (قُلِبْ)، (فِي الوَقْفِ) هذا جار ومجرور متعلِّق بقوله: (قُلِبْ)، وهذا أولى من جعل (ألفاً) مفعول ثاني لـ (قُلِبْ).

قال الشَّارح: "إذا وُقِف على هاء الضمير، فإن كانت مضمومةً نحو: رَأَيْتُه، أو مكسورةً نحو: مررت بِهِ، حُذِفَت صلتها" وعرفنا أن المراد بالصِّلة: الواو التي بعد (ضَرَبْتُهُ) لأنه في النطق تنطق بالواو، كذلك الياء بعد: بِهِ، هذه تسمى: صلة.

ووُقف على الهاء ساكنةً إلا في الضرورة -في الشعر- وإن كانت مفتوحةً نحو: هِنْدٌ رَأَيْتُهَا، وُقِفَ على الألف ولم تُحْذَف، وَشَبَّهوا (إِذاً) بالمنصوب المُنَوَّن فأبدلوا نونها ألفاً في الوقف.

وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ مَا ... لَمْ يُنْصَبَ اوْلَى مِنْ ثُبُوتٍ فَاعْلَمَا

وَغَيْرُ ذِيْ التَّنْوِينِ بِالْعَكْسِ وَفِي ... نَحْوِ مُرٍ لُزُومُ رَدِّ الْيَا اقْتُفِي

هذا شروعٌ من النَّاظم في (الْمَنْقُوصِ)، الْمَنْقُوصِ كيف نقف عليه؟ إذا أردت أن تقف على المنقوص: قاضي ونحوه، هذا قد يكون مُنَوَّناً وقد لا يكون مُنَوَّناً: جاء قَاضٍ .. رأيت قاضياً .. مررت بِقَاضٍ، جاء القاضي .. رأيت القاضي .. مررت بالقاضي، قد يكون مُنَوَّن وقد يكون غير مُنَوَّن، له حكمان:

باعتبار التنوين له حكم.

وباعتبار عدم التنوين له حكم.

والفرق بينهما: أنَّه مع التنوين محذوف الياء، وإذا لم يكن تنوين فالياء الأصل فيها: الإثبات، جاء القاضي، الأصل فيها: إثبات الياء، وإن جاز حذفها على قلَّةٍ.

(وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ)، (حَذْفُ) هذا مبتدأ، وهو مضاف و (يَا) مضاف إليه، قصره للضر، وهو مضاف و (الْمَنْقُوصِ) مضاف إليه، (ذِي التَّنْوِينِ) صاحب التنوين، احترازاً من غير التنوين، لأنَّه سيذكر له حكماً خاصَّاً: (وَغَيْرُ ذِيْ التَّنْوِينِ بِالْعَكْسِ) يعني: بالخلاف .. العكس اللغوي.

إذاً: (ذِي التَّنْوِينِ) هذا قيد، احترز به عن غير المُنَوَّن.

وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ

كيف يقول: (ذِي التَّنْوِينِ) ثم يقول: (حَذْفُ)؟ هو محذوف، قَاضٍ الياء محذوفة، ثُمَّ يقول:

حَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ أَوْلَى ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015