إذاً: "ناصباً" التي مرَّت معنا، وسبق ثلاثة مذاهب في كتابة النون، قلنا الأصح: قول الفراء .. التفصيل، إذا أُعْمِلت كُتِبت بالنون، وإذا أُلْغِيت كُتِبت بالألف، إذا كُتِبَت بالنون ووقفت عليها كيف تقف؟ (وَأَشْبَهَتْ إِذاً مُنَوَّنَاً) لو قيل بأنَّها .. بقطع النظر عن الكتابة، (إِذاً) في النطق أنت تنطق بها بالنون، إذا وقفت عليها (إِذاً) التي هي من النواصب.
النَّاظم هنا قال: " يُوقَفُ عليها بإبدال النون ألفاً " لأنَّه قال:
وَأَشْبَهَتْ إِذاً مُنَوَّنَاً نُصِبْ ..
تَنْوِينَاً اثْرَ فَتْحٍ اجْعَلْ أَلِفَا ... وَقْفَا. . . . . . . . . . . . .
(زَيْداً) هذا مُنَوَّن منصوب، لا المُنَوَّن المرفوع ولا المخفوض، إنَّما المُنَوَّن المنصوب إذا وقفت عليه تُبْدِل التنوين ألفاً، إذاً: النون هذه مثل التنوين، إذا وقفت عليها يعني: انقطع بك الكلام وأردت أن تقف على: (إِذاً) قد يقال: لا يُسْتَحْسَن، لكن إذا انقطع بك النفس ووصلت إلى: إذ .. إذاً أُكْرِمَكَ، وقفت على (إِذاً) كيف تقف؟
النَّاظم يقول: (إِذاً) تقف عليها بالألف .. تُبْدِل النون ألفاً، (وَأَشْبَهَتْ إِذاً)، (إِذاً) التي هي من النواصب، (مُنَوَّنَاً) اسماً مُنَوَّنَاً (نُصِبَ) يعني: منصوباً، الجملة هنا نعت لـ: (مُنَوَّنَاً)، (وَأَشْبَهَتْ) هذا فعل ماضي والتاء للتأنيث، و (إِذاً) فاعل .. قُصِد لفظه فهو فاعل، (أَشْبَهَتْ مُنَوَّنَاً نُصِبْ)، (نُصِبَ) هذا مُغيَّر الصيغة، والضمير نائب الفاعل يعود على المُنَوَّن، والجملة في محل نصبٍ نعت .. صفة لـ: (مُنَوَّنَاً).
وَأَشْبَهَتْ إِذاً مُنَوَّنَاً مَنصُوبًا ... فَأَلِفَاً فِي الوَقْفِ نُونُهَا قُلِبَ
تعامله معاملة: رأيت زيدا.
يعني: أنَّ (إِذاً) التي هي من النواصب يُوقَف عليها بإبدال النون ألفاً لشبهها بالتنوين بعد الفتح، هي نون وليست بتنوين، حينئذٍ (أَشْبَهَتْ إِذاً) ولذلك عبَّر بأنَّها (أَشْبَهَتْ)، لو كان التَّنوين لدخلت في الحكم السابق، لكنَّها محمولة على سابقها.
لشبهها بالتنوين بعد الفتح فتقول: (إذا) إذا وقفت عليها، ولا تقل: (إِذاً) .. إِذا ثُمَّ تقول: إذاً أُكْرِمُك، وَفُهِم من قوله: (وَأَشْبَهَتْ) أنَّ الوقف عليها بالألف على خلاف الأصل، لأنَّها ليست بتنوين وإنَّما هي محمولةٌ على الاسم المُنَوَّن، ولذلك قال: (وَأَشْبَهَتْ) فُهِم منه: أنَّ الوقف عليها بالألف .. إبدال النون ألفاً لشبهها بالتنوين خلاف الأصل، وإنَّما هو للشَّبه.
ولذلك ذكر بعضهم وأظنُّه ابن عصفور: الوقف عليها بالنون على الأصل، لأنَّها بمنزلة (أَنْ)، إذا وقفت على: (أن) .. (أَنْ) النَّاصبة ((وَأَنْ تَصُومُوا)) [البقرة:184] انقطع بك النَّفس، كيف تقف؟ (وَأَنْ) ثُمَّ (وَأَنْ تَصُومُوا) تقف عليها بالنون الساكنة، مثلها (إِذاً) .. أُختها .. ناصبة، حينئذٍ إذا وقفت عليها تقف عليها بالنون: (إِذاً) هذا قول ابن عصفور، والجمهور على الأول.