يعني: أنَّ هاء الضمير في الوقف إذا كان صِلَة غير الفتح حُذِفت الصِّلة نفسها، وشمل الضَّمَّ والكسر: رَأَيْتُهْ .. مررت بِهْ، فتقف عليهما بالسكون، هذا في الشهير، يعني: اللغة المشهورة، (صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ) مفهومه: أنَّ صلة الفتح لا تُحْذَف، لأنَّه استثنى (صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ) يعني: غير المفتوح، فأمَّا المفتوح فلا تحذف، احذف صلة غير الفتح وهي صِلَة الضَّمِّ والكسر، أمَّا صلة الفتح فأبقها على حالها.
فُهِم منه: أنَّ الواقع بعد الفتح وهي الألف لا تُحْذَف، وهي ضمير المؤنَّث: رأيتها، والمراد بالفتح هنا: فتح بناء، لأنَّه مُتَّصل بالضمائر.
إذاً:
وَاحْذِفْ لِوَقْفٍ فِي سِوَى اضْطِرَارِ ... صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ. . . . . .
ما هي (صِلَةُ غَيْرِ الْفَتْحِ)؟ الواو والياء، ضَرَبْتُهُ .. تنطق بواو، مررت بِهِ .. تنطق بياء، تحذف الياء وتحذف الواو وتقف على الهاء بالسكون: ضَرَبْتُهْ .. مررت بِهْ، وأمَّا الألف هذه تبقى على حالها.
إذاً: (صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ) الصِّلة المراد بها هنا: الواو والياء، وأمَّا صلة المفتوح وهي ضمير المُؤنَّث فتبقى على حالها فلا تُحْذَف.
قوله: (فِي سِوَى اضْطِرَارِ) فُهِم منه: أنَّ الوقف على الواو والياء في الاضطرار جائز، وهذا ذكرناه (فِي سِوَى اضْطِرَارِ) احذف في غير الاضطرار، أمَّا في الاضطرار فلا يجب الحذف، بل يجوز الإثبات، والمراد بالاضطرار: الشِّعْر، كقوله:
وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ ... كَأَنَّ لَونَ أَرْضِهِ سَمَاؤُهُ
تقف عليه بالهاء كما هو، هذا يسمونها: صلة، تبقى في الشِّعْر، وهذه إنَّما تكون في أطراف البيت.
وقوله:
تَجَاوَزْتُ هِنْداً رَغْبَةً عَنْ قِتَالِهِ ... إِلَى مَلِكٍ أَعْشُو إِلىَ ضَوْءِ نَارِهِ
نَارِهِ .. قِتَالِهِ (نَارِهِ .. قِتَالِهِ .. مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ .. سَمَاؤُهُ) وقفت عليه كما هي .. لم تُحْذَف، هذا ضرورة للشِّعْر، أمَّا في الكلام العادي ما تقول: زَيْدٌ ضَرَبتهُ .. غلط، إنَّما تقول: زَيْدٌ ضَرَبتهْ .. عَمْراً مررت بِهْ، مررت بِهِ هذا في الشهير لا.
إذاً:
وَاحْذِفْ لِوَقْفٍ فِي سِوَى اضْطِرَارِ ... صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ فِي الإِضْمَارِ
(فِي) قيل بمعنى: (مِنْ) البيانيَّة هنا، و (الإِضْمَارِ) بمعنى: المضمر، يعني: من المضمر، لأنَّ الصِّلة هنا مُتعلِّقة بالضمير لا غير، ولذلك الفتح والكسر والضَّم إنَّما يكون حركة بنائية هنا وليس حركة إعرابية.
إذاً قوله:
وَاحْذِفْ لِوَقْفٍ فِي سِوَى اضْطِرَارِ ... صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ فِي الإِضْمَارِ
يعني: إذا وُقِف على هاء الضمير، فإن كانت مضمومة أو مكسورة حذفت صِلَتها، ووقفت على الهاء ساكنةً، تقول: لَهْ وَبِهْ، بحذف الواو والياء، وإن كانت مفتوحةً نحو: رأيتها، وُقِف على الألف ولم تُحْذَف، واحترز بقوله: (فِي سِوَى اضْطِرَارِ) من وقوع ذلك في الشِّعر، وإنَّما يكون ذلك آخر الأبيات.
وَأَشْبَهَتْ إِذاً مُنَوَّنَاً نُصِبْ ... فَأَلِفَاً فِي الوَقْفِ نُونُهَا قُلِبْ