(عامر) و (مذنب) كما ذكرنا أن المصنف رحمه الله يعطي الأحكام بالأمثلة، حينئذٍ مراده أن يبين: أن الذي يُجمع بواوٍ ونون، وياءٍ ونون، هو ما كان علماً أو صفةً، بالإضافة إلى شروط المثنى السابقة، فيشترط في صحة جمع المذكر السالم أن يكون مفرداً معرباً إلى آخر ما ذكرناه سابقاً، يضاف إليه أن يكون علماً كعامرٍ، وصفةً مشتقةً كمذنب، لكن كذلك العلم ليس على إطلاقه، والصفة ليس على إطلاقه، بل يشترط في العلم الذي هو اسم جامد: أن يكون علماً لمذكر عاقلٍ خالياً من تاء التأنيث ومن التركيب، هذا يزاد على ما ذكرناه من الشروط:

أن يكون علماً لمذكرٍ عاقلٍ: ثلاثة هذه، خالياً من تاء التأنيث: أربعة، ومن التركيب: خمسة.

فإن لم يكن علماً لا يجوز جمعه بواو ونون كرجل، هذا اسم جنس جامد: رجل، هل يصح أن يقال: رجلون؟ نقول: لا يصح، لماذا؟ لأن من صحة شرط الجمع أن يكون الاسم الجامد علماً، نقول: جامد لأنه قابَل بين (عامر) و (مذنب) ما الفرق بينهما؟ (مذنب) هذا صفةٌ مشتقة، إذاً: يقابله ما هو؟ الجامد، يشترط في هذا الجامد أن يكون علماً، فإن لم يكن علماً لا يجوز جمعه بواو ونون، فرجل لا يصح أن يجمع بواو ونون إلا إذا صغر فقيل: (رُجيل) فحينئذٍ يصح جمعه بواو ونون فيقال: في رجيلون، بناءً على أنه مصغر، والمصغير في معنى الموصوف، كأنه صار كمذنبٍ، ومثله: (ابن) إذا قيل (ابن) هذا لا يصح جمعه بواو ونون إلا شذوذاً، فحينئذٍ إذا قيل: (أُبين) صح:

زعَمَتْ تُماضِرُ أنَّني اِمَّا أمُتْ ... يَسْدُدْ اُبَيْنُوهَا الأصاغِرُ خَلَّتي

أُبينوها: جمعها بواو ونون، لماذا؟ لأنه تصغير ابن، وإذا كان كذلك حينئذٍ صار في قوة ابن صغير أو ابن حقير على ما يراد من أغراض التصغير، إذاً: أن يكون علماً، فإن لم يكن لم يجمع بواو ونون فلا يقال في: (رجلٍ) رجلون، نعم إذا صُغِّر جاز ذلك، يعني: حينئذٍ يقوم مقام الصفة، رُجِيل رجيلون؛ لأنه وصف.

والمراد بالعلم هنا، العلم أنواع كما سيأتي: علمٌ شخصي، وعلمٌ جنسي، المراد هنا أن يكون علماً أي: شخصياً، فلا يجمع العلم الجنسي، لا يُجمع بالواو والنون أو الياء والنون، إلا ما كان علماً على الشمول .. شمول التوكيد نحو: أجمع، حينئذٍ يقال: أجمعون، هذا علم جنسي، لكن المراد به الشمول، إفادة التوكيد، والشمول نحو: أجمع، فإنه يقال فيه: أجمعون وأجمعين؛ لأنه صفٌة في أصله لأنه أفعل تفضيل أصالةً.

ثم اشتراط العلمية هنا، كيف نقول: يشترط أن يكون علماً ..

شَرْطُ المُثَنَّى أَنْ يَكُونَ مُعْرَبَا ... وَمُفْرَداً مُنَكَّراً ..

يشترط في الجمع أن يكون منكراً، ثم نقول: يشترط فيه أن يكون علماً، هذا تناقض أو لا؟ فهمتم الإشكال؟ يشترط أن يكون علماً، ثم نقول: العلم لا يثنى ولا يجمع، وكيف نشترط أن يكون علماً؟! نقول: العلمية شرطٌ للإقدام .. توجه منك إلى اللفظ، والتنكير شرطٌ للجمع أو التثنية بالفعل .. للجمع بالفعل، حينئذٍ إذا أردت أن تختار الكلمة التي تريد جمعها توجهك يكون لماذا؟ للعلم، ثم إذا أردت أن تلحقه بالفعل واواً ونون، لا بد أن تعتقد في قلبك أنه نكرة، إذاً: كلاهما متعلقان بماذا؟ بالقلب الإقدام وبالفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015