وَبِيَا اجْرُرْ وانْصِبِ: وبيا، بيا: جار ومجرور متعلق بماذا؟ اجرر بيا، وليس متنازعاً فيه لاجرر وانصب؛ لأن عندنا فعلان: اجرر بياء، وانصب بياء، هل هذا من باب التنازع؟ الجواب: لا، لأن شرط التنازع أن يكون الفعلان متقدمين على المتنازع فيه، لو قال: اجرر وانصب بياء، قلنا: هذا من باب التنازع، وأما إذا تقدم المتنازع فيه خرج عن باب التنازع، وحينئذٍ نقول: بيا اجرر، بيا ليس من قبيل التنازع، لا لـ: اجرر ولا لـ: انصب، على الأصح لتأخر العاملين، فلا يصح عمل المتأخر المعطوف فيما قبل المعطوف عليه للفصل به، بل يقدر له معمول آخر.
وعلى القول الثاني: يعني الذين جوزوا أن يعمل المتنازع فيما تقدم .. على القول الثاني: يصح كونه من باب التنازع لطلب المعمول في الجملة، والمشهور لا.
وَبِيَا: هذا بالقصر، أصلها: بياءٍ قصره للوزن أو نقول: لغة؟ بيا، لغة نعم، قلنا: الباء والياء والثاء يجوز فيها وجهان، فإذا مر معنا ولو كان ضرورة للوزن نقول: هذا لغة وليس ضرورةً، وبيا: للقصر مع حذف التنوين للضرورة، حذف التنوين للضرورة؛ لأن الأصل: وبياً اجرر، لكن للوزن حذفه، وبيا اجرر، نيابةً عن الكسرة، وانْصِبِ: يعني: بيا كذلك نيابةً عن الفتحة.
إذاً: جمع المذكر السالم يرفع بالواو نيابةً عن الضمة، وينصب ويجر بالياء نيابةً عن الفتحة في النصب ونيابةً عن الكسرة في الجر.
قال: سَالِمَ جَمْعِ: سالم: هذا تنازعه العوامل الثلاثة قبله: ارفع سالم جمع .. اجرر سالم جمع .. انصب سالم جمع، ثلاثة عوامل كلها تطلبها على أنه مفعول له، نُعْمِل الأخير حينئذٍ نقول: سَالِمَ، هذا مفعول به لقوله: انصب، والأول ارفع واجرر، نُعْمِلُه في ضميره ثم نحذفه، يعني: نقول المصنف أَعْمَلَه في ضمير؛ لأنه لا بد من مفعول به، فلما نصبه .. انصبه .. اجرره، أو ارفعه، اجرره وانصب سالم جمعٍ، حينئذٍ نقول: أعمل الأول والثاني في ضمير سالم، وبعد ذلك حذفه بناءً على:
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ ...
إذاً: سالِمَ، نقول: تنازعه العوامل الثلاثة قبله، وأُعْمِلَ الأخير، وأُضمِر في الأولين ضميره، ثم حذفه الناظم رحمه الله تعالى.
سَالِمَ جَمْعِ: هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني: الجمع السالم، والصفة لبيان الواقع بالنسبة لعامل ومذنب، إذ لا جمع لهما غير سالم، ومخصصة بالنسبة لقوله: وَشِبْهِ ذَيْنِ.
سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ وَمُذْنِبِ: يعني: وجمع مذنب، لئلا يُظَن أنه يجمعان جمعاً واحداً، فنقدر في الثاني ما أظهره في الأول: سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ: وعامر هذا علم كما سيأتي، وَمُذْنِبِ: هذا صفة، يعني: وجمع مذنب .. وسالم جمع مذنب، دفع بتقدير جمعٍ هنا إيهام كلام المصنف اشتراك عامل ومذنب في عامل واحد، وإنما لم يبالِ الناظم بهاذ الإيهام لضعفه جداً بوضوح انتفاء الاشتراك فلا لبس، يعني: لا يمكن أن يتصور أن يجمع عامر ومذنب في لفظٍ واحدٍ.