إذاً: ثم اشتراط العلمية للإقدام على الجمعية، واشتراط عدمها المصرح به في قولهم: لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد قصد تنكيره لتحقيق الجمعية بالفعل فلا منافاة بين الاشتراطين أو يقال: العلمية من الشروط المُعِدَّة، أي: المهيئة لقبول الجمعية، وهي لا توجد مع المشروط، والأول أولى، أن يقال: العلمية للإقدام والتنكير بالفعل، لنجمع بين الأمرين: أن يكون علماً، قال: لمذكرٍ، احترازاً عن المؤنث، فلا يقال في زينب: زينبون، إلا إذا سمي به مذكر، وأما باعتبار كونه مؤنثاً فلا يجمع بواو ونون، لمذكر عاقل، أي: المذكر باعتبار المعنى لا اللفظ، فدخل زينب وسُعدى علمين لمذكر، زينب علم لمذكر، في الأصل هو علمٌ لأنثى، لكن إذا جعل علماً لمذكر حينئذٍ نقول: باعتبار المعنى هو مذكر.
(سُعدى) الألف هذه كحبلى تدل على التأنيث، إذا نظرنا إلى المعنى وهو علمٌ لمذكرٍ قلنا: هذا مذكر، فدخل معنا في اشتراط ماذا؟ في اشتراط التذكير، وخرج زيدٌ وعمرو علمين لمؤنثين، لو امرأة سميت زيد ومعها زيد ومعها زيد، ما يقال: الزيدون، إنما يقال: الزيدات بألف وتاء كما يقال: الزينبات.
إذاً: اللفظ إذا كان في أصله لمؤنث ثم نقل لمذكر يجمع بواو ونون، وإذا كان في أصله لمذكر، ثم نقل لمؤنث جمع بألف وتاء، إذاً: ينظر هنا إلى المعنى، ولا ينظر إلى اللفظ باعتبار أصله، وخرج زيدٌ وعمروٌ علمين لمؤنثين، وإنما لم يعتبروا المعنى في (طلحة)، هنا نظرنا إلى المعنى، زينب في الأصل لفظٌ لمؤنث، قلنا: لا ننظر إلى اللفظ، وننظر إلى المعنى، (سُعدى) لا ننظر إلى اللفظ بل ننظر إلى المعنى.
زيدٌ: في اللفظ لمذكر، قالوا: لا، لا نلتفت إليه، بل ننظر إلى المعنى، طيب! (طلحة) لماذا أخرجتوه من جمع المذكر السالم، كما سيأتي خالياً من تاء التأنيث؟ وإن كان هذا مرجوحاً، وإنما لم يعتبروا المعنى في (طلحة) واعتبروا اللفظ حيث لم يجمعوه بالواو والنون أو الياء والنون، بل جمعوه بالألف والتاء لوجود المانع من مراعاة المعنى وهو تاء التأنيث قالوا: (طلحة) هذا نخرجه بقيد خالياً من تاء التأنيث، وأما (سُعدى) و (زينب) إذا سمينا بهما مذكر ننظر إلى المعنى، فهمتم؟ (سُعدى) هذا اسم لمؤنث، قالوا: إذا سُمي به مذكر نجمعه بواو ونون، لماذا؟ قالوا: لأننا ننظر إلى المعنى، طيب! (طلحة) معناه مذكر، لماذا لم تجمعوه بواو ونون؟ قالوا: لوجود المانع، ما هو المانع؟ التاء، نقول: و (سُعدى) كذلك المانع موجود، وهو الألف، (سُعدى) مثل: (حُبلى) ولذلك الألف الممدودة والمقصورة في باب التأنيث أشد تمكناً في الدلالة على المؤنث من مجرد التاء، فإذا جوزوا أن يُجمع بواو ونون ما سمي بسعدى وحبلى وصحراء ونحوها، فالأدنى وهو ما كان مختوماً بتاء التأنيث أولى.
ولذلك نقول: الصواب أنه يجوز جمع طلحة وحمزة ونحوهما بواو ونون، والعلة هذه عليلة، وهذا مذهب الكوفيين: أنه يجوز أن يجمع بواو ونون ما ختم بتاءٍ وهو علمٌ لمذكر، مثل: طلحة وحمزة، فيقال: حمزون، وطلحون، ولا مانع أن يجمع كذلك بألف وتاء، لا بأس من تعدد الجمع، طلحات وحمزات، وإنما المقام هنا في مقام بيان المذكر السالم.