(فُعَيْلاً اجْعَلْ الثُّلاَثِيَّ) اجْعَلْ الثُّلاَثِيَّ فُعَيْلاً لَمَّا قال: (الثُّلاَثِيَّ)، وقال: (لِمَا فَاقَ) عرفنا أنَّ المصغَّر ثلاثي وزائد، (اجْعَلْ الثُّلاَثِيَّ) ثُمَّ قال .. البيت الثاني: (لِمَا فَاقَ) يعني: لِمَا زاد على الثلاثي لِمَا فاق الثلاثي، إذاً: المصغَّر على نوعين: ثلاثي، ومزيد.
الثُّلَاثِي: أشار إليه بقوله: (فُعَيْلاً).
والمزيد: أشار إليه بقوله: (فَعُيْعِلٌ مَعَ فُعَيْعِلٍ).
حينئذٍ القسمة ثلاثية: وزنٌ واحد للثلاثي، ووزنان لِمَا زاد على الثلاثي، فيدخل فيه الرباعي وما زاد، سواءٌ كان رباعي الأصول أو بالزيادة، أو خماسي الأصول أو بالزيادة.
(اجْعَلْ الثُّلاَثِيَّ فُعَيْلاً) (فُعَيْلاً اجْعَلْ الثُّلاَثِيَّ) هذا مفعول أول، (اجْعَلنّ) يتَعدَّى إلى اثنين .. فعل أمر مبني على سكونٍ مُقدَّر، والفاعل أنت، و (الثُّلاَثِيَّ) مفعولٌ أول، و (فُعَيْلاً) مفعولٌ ثاني.
متى (اجْعَلْ الثُّلاَثِيَّ فُعَيْلاً)؟ (إِذَا صَغَّرْتَهُ) يعني: إذا أردت تصغيره، أمَّا إذا صُغِّر فلا تجعله على (فُعَيْل)، اجْعَلْ الثُّلَاثِيَّ فُعَيْلاً إذَا صَغَرْتَهُ، إذا صغرته اجعله فُعَيْلاً، ليس هذا المراد، لأنَّ تصغير المصغَّر ممتنع، وإنما أراد بقوله: (إِذَا صَغَّرْتَهُ) إذا أردت، وهذا سبق أن مقولةً عند الفقهاء والأصوليين جاء في تركيب العرب والأحاديث: إذا فَعَلتَ فَافْعَلْ، (فعلت) هذا فعل الشَّرط، (افعل) جواب الشَّرط، قد يكون المراد بهذا التركيب إيقاع جواب الشَّرط بعد فِعْل فِعْل الشَّرط، وهذا هو الأصل: (إذا فَعلتَ فَافْعَلْ) إذا وقع منك فعل الشَّرط حينئذٍ حصل الجواب.
(إذا فَعلتَ فَافْعَلْ) قد يُراد به: إيقاع الجواب قبل فِعْلِ فِعْل الشَّرط، يعني: تفعل الثاني قبل الأول .. عكس الأول .. هذا مخالف، ومنه: ((فإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ)) [النحل:98] .. إذا قرأت فاستعذ، مثله: إذا فعلت فافعل (إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) متى تقع الاستعاذة؟ قبل القراءة، إذاً: أُريد هنا بالجواب: أن يقع قبل فِعلِ فِعل الشَّرط .. قبل القراءة، وقد قيل: بعده، أظن قول الحسن أو غيره، بعد القراءة يقول (فَاسْتَعِذْ) على الظاهر، لكن الجماهير على أنَّ إيقاع الجواب هنا يكون قبل فِعْلِ فِعْل الشَّرط.
وقد يكون المراد: (إذا فَعلتَ فَافْعَلْ) إيقاع جواب الشَّرط مع فِعْلِ فِعْل الشَّرط، كما إذا قال: إذا توضأت فادلك يديك مثلًا، الدَّلك يكون في أثناء الوضوء لا قبله ولا بعده: إذا صليت فسبِّح ثلاثاً وثلاثين، هذا بعد وقوع فِعْلِ فِعْل الشَّرط.