إذاً: الرابع: أن يكون خالياً من صيغ التَّصْغِير وشبهها فلا يُصغر نحو: الكُمَيْت، من الخيل، كميت (فُعَيْل) لا يُصَغَّر، لأنَّ الوزن وزن تصغير (فُعَيْل) ولا: الكُعَيْت، وهو البلبل لا يُصَغَّر، لأنَّه على وزن (فُعَيْل) غير قابل للتصغير، ولا نحو: مُبَيْطِر وَمُهَيْمِن، مُبَيْطِر .. (مُفَيْعل) .. (فُعَيْعِلْ) وكذلك: مُهَيْمِن (فُعَيْعِل) هذا لا يُصَغَّر.
إذاً: أربعة شروط لا بُدَّ من استيفائها ليصحَّ حينئذٍ التَّصْغِير:
-أن يكون اسماً.
- أن يكون متمكناً، فخرج المبني.
- أن يكون قابلاً للتصغير، يعني: اللفظ من حيث المعنى.
- أن يكون خالياً من صيغ التَّصْغِير.
التَّصْغِير له فوائد وله أغراض، يعني: لماذا تُصَغِّر اللفظ؟ لا بُدَّ من شيءٍ يقتضي منك ذلك أن تأتي به على وزنٍ من هذه الأوزان أو الأمثلة الثلاثة.
عند البصريين أغراض التَّصْغِير أربعة:
الأول: تصغير ما يُتَوَهَّم كِبَره، نحو: جبل، يُصَغَّر على: جُبَيْل.
الثاني: تحقير ما يُتَوهَّم أنَّه عظيم، نحو: سَبُعُ .. سُبَيْع، هو عظيم .. الناس يخافون منه، فإذا أردت التحقير أو أن تقلل من شأنه تقول: سُبَيْع.
الثالث: تقليل ما تُتَوهَّم كثرته: درهم تقول: دُرَيْهِمَات.
إذاً: يأتي للتقليل، ويأتي للتحقير، ويأتي لتصغير ما يُتَوهَّم أنَّه كبير.
الرابع: تقريب ما يُتَوهَّم بعده زمناً أو محلَّاً أو قدراً، زمناً: قُبيل العصر، (قبل) تصغره قُبيل هذا باعتبار الزمن، مكان: فُوَيْق الدار، كذلك القَدْر والرُّتْبَة والمكانة: أُصَيْغِرُ منك، إذاً: هذه أربعة أغراض وفوائد للتصغير.
بقي خامسة وهي مختلفٌ فيها بين البصريين والكوفيين وهي: التَّعْظِيمْ، هل يأتي التَّصْغِير للتَّعظيم أو لا؟ نفاه البصريون، قالوا: هذا ينافي، كيف يُصَغَّر العظيم؟! في الجملة التصغير فيه نوع تحقير .. في الجملة مع النظر فيما سبق من الأغراض في الجملة فيه معنى التحقير والتقليل من الشأن، فكيف العظيم يُؤْتَى به على زنةٍ من هذه الأمثلة الثلاث، ثُمَّ نقول المراد به: التعظيم؟! إذاً: ردَّه البصريون لِمَا ذكرناه، لأنَّ التَّصْغِير لا يكون للتعظيم، فهو ينافي التَّصْغِير.
وأمَّا الكوفيون فأثبتوه، قالوا: لقول عُمَر لابن مسعود: كُنَيْفٌ مُلِئ علماً (كُنَيْفٌ) هذا تصغير: كِنْف، بكسر الكاف وإسكان النون: كِنْف، صغَّره على: كُنَيْف، وأراد به: التعظيم: كُنَيْفٌ مُلِئ علماً، وقول الشاعر:
وكلُّ أُنَاسٍ سوْفَ تَدخُلُ بَينَهُمْ ... دُوَيْهِة ٌ تصْفَرُّ مِنها الأَنَامِلُ
(دُوَيْهةٌ) هذا تصغير وأراد به التعظيم، إذاً: هذه الفائدة أنكرها البصريون وأثبتها الكوفيون، ولو وُجِدت لكنَّها تكون ليست كالسابق يعني: فيها نوع قلَّة.
(التَّصْغِيرُ)
قال النَّاظم:
فُعَيْلاً اجْعَلِ الثُّلاَثِيَّ إِذَا ... صَغَّرْتَهُ نَحْوُ قُذَيٍّ فِي قَذَا
فَعُيْعِلٌ مَعَ فُعَيْعِيلٍ لِمَا ... فَاقَ كَجَعْلِ دِرْهَمٍ دُرَيْهِمَا