هنا ماذا أراد: (إِذَا صَغَّرْتَهُ)؟ على كلٍّ: إذا أردت تصغيره، حينئذٍ هل هذا تأويل .. مجاز، أو أنَّه حقيقة؟ يختلفون، أكثر من يثبت المجاز على أنَّه مَجاز .. إذا أردت: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا)) [المائدة:6] (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) قلت: الله أكبر، (فَاغْسِلُوا) هذا إذا أردنا الظاهر .. هذا الظَّاهر، هم يقولون: لا، يعني: إذا أردتم القيام، أُوِّل بالإرادة: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ليس المراد بالقيام بالفعل، وإن كان ظاهر إسناد الفعل إلى الشيء: أن يكون قد استوفى مدلول الفعل، (إِذَا قُمْتُمْ) القيام الصحيح الثابت في الذهن (إِلَى الصَّلاةِ) الصلاة الحقيقية، هذا الأصل، استقبل القبلة .. قل: الله أكبر (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)، نقول: لا، ليس هذا المراد، نقول: إذا أردتم القيام، حينئذٍ يقع جواب الشرط (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) قبل فِعْل فِعْل الشَّرط.
على كُلٍّ: (إِذَا صَغَّرْتَهُ) يعني: أردت تصغيره، وذلك: (نَحْوُ قُذَيٍّ فِي قَذَا) لو جاء بصحيح لكان أجود: فَلْس، تصغِّره وتقول: فُلَيس، وزيد، تصغَّره وتقول: زُيَيد، و (قَذَا) هذا مُعتلَّ اللام تقول: (قُذَيّ) بزيادة ياء التَّصْغِير، ثُمَّ إدغام ياء التَّصْغِير في لام الكلمة.
إذاً: ماذا صنع في (قُذَيٍّ فِي قَذَا)؟ هو لم يشرح هذا النَّاظم، وإنَّما بيَّن (فُعَيْلاً اجْعَلِ الثُّلاَثِيَّ) على وزن (فُعَيْل)، لم يبينه من حيث التنصيص وإلا الوزن يكفي: (فُعَيْل) لو قلت: فَلْس، ثلاثي تقول: فُلَيْس، ماذا صنعت؟ ضممت الأول، وفتحت الثاني، وزدت ياءً ساكنة قبل آخره فقلت: فُلَيْس، إذاً: ثلاثة أعمال في تصغير الثلاثي، إذا أردت أن تُصغِّر الثلاثي أمامك ثلاثة أعمال:
- الأول: أن تَضمَّ فاء الكلمة.
- والثاني: أن تفتح الثاني: فُلَيْس .. فَلْس، هذا الأصل، فتح الأول وإسكان الثاني تقول: فُلَيْ، جئت بياءٍ ثالثة قبل الأخير، حينئذٍ صار على وزن (فُعَيْل).
إذاً القاعدة: أنَّ كُلَّ اسمٍ مُتمكن قُصِد تصغيره، فلا بُدَّ من ضمِّ أوله وفتح ثانيه، وزيادة ياءً ساكنة بعده، هذا في الثلاثي، فإن كان ثلاثياً لم يُغيَّر أكثر من ذلك.
إن كان رباعياً وما زاد أشار إليه بقوله:
فَعُيْعِلٌ مَعَ فُعَيْعِيلٍ لِمَا ... فَاقَ. . . . . . . . . . . . . . . . .
(فَعُيْعِلٌ) هذا مبتدأ .. صار علماً وهو مبتدأ، و (مَعَ) هذا ظرف .. منصوب على الظرفية مُتعلِّق بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر، أين الخبر؟ (لِمَا) جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف: كائنٌ (لِمَا) كائنٌ هو لِمَا .. حال كونه (مَعَ فُعَيْعِيلٍ)، فـ (مَعَ فُعَيْعِيلٍ) (مَعَ) مضاف، و (فُعَيْعِيلٍ) مضاف إليه، نقول: مُتعلِّق بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر، و (لِمَا) اللام: حرف جر، و (مَا) اسم موصول بِمعنى: الذي، وهو مُتعلِّق بمحذوف الجار والمجرور خبر المبتدأ (فُعَيْعِل).