(منطلق) على وزن (مُنْفَعل)، إذاً: الميم زائدة والنون زائدة، النون هذه هل زيدت للإلحاق؟ لا، ليست للإلحاق، فتقول في جمعه: مَطَالق، بحذف النون وإبقاء الميم، أمَّا إذا كان ثاني الزائدين ملحقاً كسين: مُقْعَنْسِسْ .. اقْعَنْسَسَ، السين الثانية زيدت للإلحاق: احْرَنْجَم، حينئذٍ السين الثانية هذه زيدت للإلحاق.

فكذلك عند سيبويه تُحذف، فالحكم عام عند سيبويه يُحذف ما عدى الميم سواءٌ كان هذا الحرف الزائد للإلحاق، كما في سين: مُقْعَنْسِس، أم ليس للإلحاق كما في نون: منطلق، فالحكم عام بلا تفصيل، فيقال: مقاعِس (مَفَاعِل) بحذف السين الثانية وإبقاء الميم.

وخالف المُبِرِّد فحذف الميم وأبقى الملحق وهو السين، لأنَّه يُضاهي الأصل فَيُقال عنده: قعاسس، بحذف الميم، وإن كان هنا تعارض كُلٌّ منهما لمعنى، فالميم لمعنى والسين لمعنى، لكن المشهور هو ما ذهب إليه سيبويه، وَرُجِّح مذهب سيبويه بأنَّ الميم مُصدَّرة، يعني: في أول الكلمة فلا تُحذف، وهي لمعنىً يَخصُّ الاسم فكانت أولى بالبقاء، والسين وإن كانت لمعنى لكنَّها من جهة اللفظ لا من جهة المعنى.

(لمعنى) بمعنى: أنَّها تُلحقها بوزنٍ وهو وزن: احْرَنْجَم، أصله: قَعَس، اقعنسس .. (احْرَنْجَم) إذاً: السين الثانية للإلحاق: اَحْرَنْجَم .. يَحْرَنْجِم .. احْرِنْجَاما، اقْعَنْسَسَ .. يَقْعَنْسِسُ .. اقْعِنْسَاسَا، إذاً: من باب الإلحاق، والإلحاق لا شك أنَّه أمرٌ لفظي ليس معنوياً، والميم لشيءٍ يَتعلَّق بالمعنى، إذاً: له أثر في الاسم .. في المدلول.

إذاً: ما كان له أثر في المدلول وأثَّر في المعنى أولى بالبقاء مِمَّا زِيد لأثرٍ يَتعلَّق بلفظ الاسم، وهذا واضح بيِّن ولذلك رُجِّح مذهب سيبويه، مع كون الميم كذلك مُصدَّرة والحذف في الصدور قليل النَّظير.

وَالسِّينَ وَالتَّا مِنْ كَمُسْتَدْعٍ أَزِلْ ..

أزل السين .. (السِّينَ) هذا مفعول مُقدَّم لقوله: (أَزِلْ)، (وَالتَّا) معطوفٌ عليه قصره للضرورة، (والتاء) هذا الأصل.

(مِنْ كَـ مُسْتَدْعٍ) (مِنْ كَـ) دخلت (مِنْ) هنا على الكاف، فدل على أن الكاف اسمية، يعني: من مثل (مُسْتَدْعٍ) والكاف: اسمٌ بمعنى (مِثْل) مبنيٌّ على الفتح في محل جر بـ (مِنْ)، وهو مضاف، و (مُسْتَدْعٍ) مضافٌ إليه، (أَزِلْ) هذا فعل أمر .. أنت.

أَزِلْ السِّينَ وَالتَّا مِنْ كَمُسْتَدْعٍ ..

(إِذْ) للتعليل (بِبِنَا الْجَمِعِ) .. ببناء الجمع، وهو (فَعَالِل)، (بَقَاهُمَا مُخِلّ) (بِبِنَا الْجَمِعِ) الباء هنا: حرف جر، و (بِنَا الْجَمِعِ) مضاف ومضاف إليه، يعني: بناء الجمع (مَفَاعِل وَمَفَاعِيل) (بَقَاهُمَا) .. بقائهما قصره للضرورة: بقاؤهما يعني: بقاء السين والتاء (مُخِلٌّ بِبِنَا الْجَمِعِ).

إذاً قوله: (بِبِنَا الْجَمِعِ) مُتعلِّق بقوله: (مُخِل)، وحينئذٍ يكون التقدير: إذ بقاؤهما مُخِلٌّ ببناء الجمع، بخلاف بقاء الميم، وهذا فيما إذا تعارض عندنا زيادتان، وكان الخلل ببعض الزيادة دون بعض، فيَتعيَّن حذف إحدى الزيادتين وإبقاء الزيادة الأخرى، أيُّ الزيادتين أولى بالتقدير، أو بالحذف، أو بالإبقاء دون الأخرى؟ نَنْظر إلى المعنى على ما ذكرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015