(وَالْمِيمُ أَوْلَى) (أَوْلَى) يعني: (بِالْبَقَا)، إذاً قوله: (بِالْبَقَا) مُتعلِّق بقوله: (أَوْلَى).

(مِنْ سِوَاهُ) كذلك مُتعلِّق بقوله: (أَوْلَى)، فالميم مبتدأ، و (أَوْلَى) خبره، و (بِالْبَقَا) و (مِنْ سِوَاهُ) مُتعلِّقان بقوله: (أَوْلَى)، (مِنْ سِوَاهُ) يعني: من سوى الميم، (بِالْبَقَا) قصره للضرورة.

وَالهَمْزُ وَالْيَا مِثْلُهُ إِنْ سَبَقَا ..

(مِثْلُهُ) يعني: مثل الميم في كونهما (أَوْلَى بِالْبَقَا)، (إِنْ سَبَقَا): إن تصدَّرا في الكلمة، لماذا؟ لأنَّ الهمزة تأتي للمضارعة إذا أريد بها المُتكلِّم، وتأتي في أول المضارع ويراد بها: الغائب، وأراد بهذا المثال: ألَنْدَد، المراد به: الخصم، يقال: ألَنْدَد ويَلَنْدَد، إذا أردت جمعه على (مَفَاعِل وَمَفَاعِيل) حينئذٍ صار على خمسة أحرف، لا بُدَّ من حذف حرفٍ، وهنا الزائد: الهمزة والنون، أيُّ الحرفين أولى بالبقاء؟ قال ابن مالك:

وَالهَمْزُ أَوْلَى إِنْ سَبَقَا ..

وهنا: ألنددٍ، نقول: هذا بقاء الهمزة أولى، وكذلك في: يلندد، في جمعهما تقول: ألادَّ ويلادَّ، فتحذف النون وَتُبْقَى الهمزة .. وَتُبْقَى الياء، لأنَّ الهمزة والياء يستعملان ويراد بهما معنىً في غير هذا اللفظ، وهو: الهمزة للمُتكلِّم، والياء للغائب.

(وَالهَمْزُ) مبتدأ، (وَالْيَا) قصره للضرورة، عطفٌ عليه، (مِثْلُهُ) يعني: مثل الميم، (إِنْ سَبَقَا) يعني: وقع في أول الكلام (مِثْلُهُ) أي: مثل الميم في كونهما أولى بالبقاء، (إِنْ سَبَقَا) الألف هذه: فاعل، أي: تَصدَّرا، ولأنَّهما في موضعٍ يقعان فيه دالَّين على معنىً، وهو دلالتهما على المُتكلِّم والغائب في الفعل المضارع.

قال الشَّارح هنا: إذا اشتمل الاسم على زيادةٍ لو أُبْقِيت، يعني: هذه الزيادة لاخْتَلَّ بناء الجمع، كيف يَختل؟ لأنَّ (فَعَالِل وَمَفَاعِل) هذا على خمسة أحرف، وتكون الكلمة بالزيادة على خمسة أحرف أو ستة أحرف، وعندنا (فَعَا) الألف هذه زائدة ليست في الكلمة التي سَتُجْمَع، حينئذٍ كيف نأتي بهذه الخمسة أحرف على وزن (فَعَالِل) لا بُدَّ من حذفٍ، وعندنا زيادتان.

لو أُبْقِيت لاخْتَلَّ بناء الجمع الذي هو نهاية ما تَرْتَقى إليه الجموع وهو (فَعَالِل وَفَعَالِيل)، حُذِفت الزيادة، فإن أمكن جمعه على إحدى الصيغتين بحذف بعض الزائد وإبقاء البعض فله حالتان، هنا جمع بين مسألتين، حُذِفت الزيادة ثُمَّ يأتي الوزن دون خلل ولا إشكال، وهذا فيما إذا كان على حرفٍ واحد .. الزائد حرفٌ واحد، وأمَّا إذا كان أكثر حينئذٍ يَتعيَّن حذف إحدى الزيادتين وإبقاء الأخرى، وهذا على حالتين:

إحداهما: أن يكون للبعض مزيَّةٌ على الآخر، يعني: أحدهما له معنى كالميم والسين، الميم لها مَزيَّة على السين والتاء، إذاً: ليستا في درجةٍ واحدة.

النوع الثاني: ألا يكون كذلك .. مُخيَّر، والأولى هي المرادة هنا في هذا البيت، والثانية في البيت الذي يأتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015