(مُسْتَدْعٍ) هذا البيت أراد به بيان ما يُحذف من مزيد الثلاثي، لأنَّ (مُسْتَدْعٍ) دعى، فهو ثلاثي زِيد عليه ثلاثة أحرف، إذاً: أصله ثلاثي لأنَّ مستدعياً كذلك، لأنَّ أصوله ثلاثة: الدَّال والعين والياء، وزيدت عليه ثلاثة أحرف: الميم والسين والتاء، وبقاء الجميع: الميم والسين والتاء مع الدَّال والعين والياء مُخِل بالبناء، لأنَّ (فَعَاَلل) على خمسة أحرف وهذا ستة، لا يأتي .. لا بُدَّ من الحذف، والحذف هنا لا يُمكن أن يُحذف الدَّال ولا العين ولا الياء، لا بُدَّ الحذف من السين أو التاء أو الميم، واحدٌ من هذه الثلاثة.
إذاً: فيه ثلاث زوائد: الميم والسين والتاء، وبقاء الجميع مُخِلٌّ ببناء الجمع، فَيُحْذَف ما زاد على أربعة أحرف، لأنَّ: سَفَرْجَل، هناك يُحذف الخامس، إذاً: يبقى على أربعة أحرف، ويبقى ألف (فَعَا) باقية، نريد (مُسْتَدْعٍ) أن يكون على أربعة أحرف حتى نجمعه على (فَعَالِل).
إذاً: لا بُدَّ من حذف حرفين: إمَّا الميم والسين .. إمَّا الميم والتاء .. إمَّا السين والتَّاء، فحينئذٍ يُحذف ما زاد على أربعة أحرف وهو السين والتاء، فنقول في جمعه: مَدَاعٍ (فَعَالِل) أصله: مداعي، مثل: جَوَارٍ وغواشٍ.
لذلك قال هنا:
وَالسِّينَ وَالتَّا مِنْ كَمُسْتَدْعٍ أَزِلْ ..
أزل السين والتاء من: (كمستدعٍ) وأبقي الميم.
إِذْ بِبِنَا الْجَمِعِ بَقَاهُمَا مُخِلّ ..
(بَقَاهُمَا) قصره للوزن، (إِذْ بِبِنَا الْجَمِعِ) (إِذْ) للتعليل، بقاء الجمع بهذه الحروف الثلاثة ومنها: السين والتاء (مُخِلّ) لا يمكن أن يأتي (فَعَالِل) وهو خمسة أحرف وَيُجمع عليه (مُسْتَدْعٍ)، هذا فاسد يُخِل بالوزن، (وَالْمِيمُ أَوْلَى بِالْبَقَا) من السين والتاء، لماذا؟ قالوا: لِمَا له من المزيَّة على السين والتاء من حيث المعنى، لأنَّها تدلُّ على معنى اسم الفاعل، ولذلك إذا أُريد اسم الفاعل حينئذٍ يُنْظَر في فعله: استدعى .. يستدعي فهو مستدعي، جئنا بميمٍ مضمومة تدلُّ على المفاعلة .. على أنَّه اسم فاعل، إذاً: هذا الحرف جيء به للدَّلالة على معنى، بخلاف السين والتاء، وما دلَّ على معنى أولى بالبقاء مِمَّا لم يدل على معنى، هذا أولاً.
ثانياً: له الصدارة، والحرف الذي يُبْتَدأ به ولو كان زائداً في أول الكلمة له قوة، والحذف إنَّما يكون في الأثناء وفي الأطراف، وفي الأطراف أكثر، يعني: الطرف الأخير من جهة اللام، وأمَّا من الأول هذا لا نظير له.
إذاً:
وَالْمِيمُ أَوْلَى بِالْبَقَا مِنْ سِوَاهُ ..
من سوى الميم وهو السين والتاء، لِمَا له من المزيَّة على غيره من أحرف الزيادة، وهذا لا خلاف فيه، يعني: ببقاء الميم وحذف السين والتاء، لا خلاف فيه متى؟ إذا كان ثاني الزائدين غير مُلْحَقٍ كـ: نون منطلق .. إذا كان ثاني الزائدين غير مُلْحَق، يعني: لم تكن الزيادة للإلحاق كنون (منطلق) ميم .. نون، زائدان أم أصليان؟