وَمَا تَلِيْهِ ... تَا الْفَرْقِ مِنْ ذِي فَشُذُوذٌ فِيهِ
(وَمَا) هذا مبتدأ واقعة على الأوزان المذكورة، (تَلِيهِ) صِلة الموصول، (تَا الْفَرْقِ) تاءُ الفرق: فاعل وهو مضاف، و (الْفَرْقِ) مضاف إليه، (مِنْ ذِي) الأوزان الأربعة .. تليه من ذي، (فَشُذُوذٌ فِيهِ) الفاء واقعة في جواب المبتدأ وهو جائز، (شُذُوذٌ) مبتدأ، (فِيهِ) هذا خبر، والجملة خبر (مَا) .. (مَا) مبتدأ، (فَشُذُوذٌ فِيهِ) هذا خبره .. هذا الجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
والفاء هنا ليست واقعة في جواب الشرط .. ليس عندنا شرط، وإنما إذا كان المبتدأ صيغة عموم أو فيه معنى العموم جاز وقوع الفاء في الجواب.
ثُم قال: " وأمَّا (فَعِيل) - هذا فيه تفصل – إمَّا أن يكون بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول، فإن كان بمعنى فاعل لحقته التاء في التأنيث، نحو: رجل كريم وامرأة كريمة، وقد حذفت منه قليلاً .. قليل الحذف، قال الله تعالى: ((مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ)) [يس:78] (هِيَ .. هِيَ) مؤنَّث، (رَمِيمٌ .. رَمِيمةٌ) حذفت منه التاء على قِلَّة.
ومنه في وجهٍ، في قوله تعالى: ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ)) [الأعراف:56] (قَرِيبةٌ) حذفت منه التاء على وجهٍ.
وإن كان بِمعنى: مفعول، وإليه أشار بقوله: (كَقَتِيلٍ).
إذاً قوله: (وَمِنْ فَعِيلٍ) هذا عام، يشمل (فَعِيلْ) ما كان بِمعنى: فاعل، أو بمعنى: مفعول، أخرج (فَعِيلْ) بمعنى: فاعل، بقوله: (كَقَتِيلٍ) فالمثال حِينئذٍ يكون للاحتراز، و (قَتِيلْ) هنا بمعنى اسم المفعول وهو: مقتول، ثُم (قَتِيلْ) عام يشمل ما تبع موصوفه وما لم يتبع، فأخرج ما لم يتبع موصوفه بقوله: (إِنْ تَبِعْ مَوْصُوفَهُ)، إذاً قوله: (فَعِيلٍ) عام، خصَّصَه بـ: (قَتِيلْ)، و (قَتِيلْ) عام في نفسه، قد يكون تابعاً لموصوفه وقد لا يكون.
(إِنْ تَبِعْ مَوْصُوفَهُ) حِينئذٍ نقول: إن تبع موصوفه التاءُ تمتنع، إن لم يتبع أخرجه بقوله .. بمفهوم الشرط، وإليه أشار بقوله: (كَقَتِيلٍ) فإمَّا أن يستعمل استعمال الأسماء أو لا، استعمال الأسماء المراد به: غير جارٍ على موصوف .. لم يسبقه موصوف، غير جارٍ على موصوف ظاهر، ولا منوي لدليل، فإنَّه تلحقه التاء.
تقول: رأيت قتيلاً، (قتيلاً) لم يسبقه شيء، حِينئذٍ فإنَّه تلحقه التاء، رأيت قتيلاً وقتيلة، فراراً من اللبس، ولذلك: رأيت قتيلةَ بني فلان، هذا لا يصح إسقاط التاء، لأنَّك لو قلت: قتيل بني فلان وأردت به التأنيث وقع في اللبس، لأنَّه لم يجرِ على موصوفه، بل هو مستعمل استعمال الأسماء.
فإن استعمل استعمال الأسماء، أي: لم يتبع موصوفه لحقته التاء، رأيت قتيلاً وقتيلةً، نَحو: هذه ذبيحةٌ ونطيحة وأكيلة، أي: مذبوحة ومنطوحة ومأكولة.