وإن لم يُستعمل استعمال الأسماء، أي: بأن يتبع موصوفه، قال ابن هشام: "لا يراد الموصوف الصناعي بل المعنوي، لأنَّك في نحو: هندٌ قتيل، لا تلحق التاء مع أنَّ (قتيل) خبرٌ لا نعت" يعني: ليس المراد هنا الوصف الصناعي بل المعنوي "حُذِفَت منه التاء غالباً، نحو: مررت بامرأة جريح، وبعين كحيل، أي: مجروحة ومكحولة، وقد تلحقه التاء قليلاً: خصلةٌ ذميمة، أي: مذمومة، وفعلة حميدة، أي: محمودة، وهذا مُحترَزَه بقوله: (غَالِبَاً) ".
لأنَّه قال:
. . . . . . . . . . إِنْ تَبِعْ ... مَوْصُوفَهُ غَالِبَاً. . . . . . .
(غَالِبَاً) أشار به: إلى أنَّه قد تلحقه تاء الفرق حملاً على الذي بمعنى: فاعل، كقول العرب: صفةٌ ذميمة، وخصلةٌ حميدة، وقوله كذلك: (غَالِبَاً) يؤخذ من صنيعه: أنَّ لحوق التاء فعيلاً بمعنى: مفعول خلاف الغالب، بخلاف لحوق التاء للأوزان الأربعة فشاذ.
يعني: إذا لحقت التاء (فَعِيلٍ) ليس بشاذ، لأنَّه قال: (غَالِبَاً) من غير الغالب أن تلحقه، ولم يحكم عليه بالشُّذوذ، بخلاف الأربعة الأوزان، قال: (فَشُذُوذٌ فِيهِ) حكم عليه بكونه شاذّاً.
إذاً: (وَمِنْ فَعِيلٍ كَقَتِيلٍ إِنْ تَبِعْ) فإن لم يتبع لحقته التاء، إن كان (فَعِيل) لا كمعنى: قتيل، لحقته التاء، وإنما بهذه الشروط الثلاثة يكون (فَعِيل) وبمعنى: مفعول، ولم يتبع موصوفه، إن تَخلَّف واحدٌ منها لحقته التا، (غَالِبَاً) ومن غير الغالب: خصلةٌ حميدة، وخصلةٌ ذميمة.
(التَّا تَمْتَنِعْ) .. (التَّا) هذا مبتدأ، قصره للضرورة، و (أل) هنا عهدية، أيُّ تاءٍ؟ تاء التأنيث.
إذاً: (وَلاَ تَلِي فَارِقَةً) تَمتنع هي، الجملة خبر عن التاء، وقوله: (مِنْ فَعِيلٍ) مُتعلِّق به، (كَقَتِيلٍ) هذا حال من (فَعِيلٍ).
. . . . . . . . . . إِنْ تَبِعْ ... مَوْصُوفَهُ غَالِبَاً. . . . . . .
هذا شرطٌ حذف جوابه.
إذاً: (وَلاَ تَلِي فَارِقَةً) يعني: لا تتَّصِل هذه التاء بالوصف مع كون الأصل في الأوصاف التي تصدق على المذكر والمؤنث أن تتَّصِل به التاء فارقةً بين النوعين، ولذلك قال الصَّبَّان هناك: "الأصل في لحاق التاء الأسماء إنما هو تمييز المؤنث من المذكر، وأكثر ما يكون ذلك في الصفات المشتركة بين المذكر والمؤنث، فما كان مُختصَّاً - الصفات المختصَّة بالمؤنث – فالغالب ألا تلحقها التاء إن لم يُقْصَد بها معنى الحدوث كـ: حائض، وطالق، ومرضع، لعدم الحاجة بأمن اللبس، فإن قصد معنى الحدوث فالتاء لازمة، كـ: حاضت فهي حائضةٌ".
يعني: حاضت .. وجِد الحيض الآن، قال: قد تتَّصل به التاء، وطُلقت فهي طالقةٌ، وقد تلحقها وإن لم يُقْصَد الحدوث، وأمَّا في الأسماء فهو قليل، هذا ما يَتعلَّق بالتاء.
ثُم شرع فيما يَتعلَّق بالألف، وعدَّد أوزاناً مشهورة وترك الأوزان النادرة، ونمر عليها سريعاً.
وَأَلِفُ التَّأْنِيْثِ ذَاتُ قَصْرِ ... وَذَاتُ مَدٍّ نَحْوُ أُنْثَى الْغُرِّ
هذا شروعٌ منه في النوع الثاني مِمَّا يُميَّز به أو يُفرَّق بين المذكر والمؤنث.
وَأَلِفُ التَّأْنِيْثِ ذَاتُ قَصْرِ ... وَذَاتُ مَدٍّ. . . . . . . . . . . .