هذا فيما يكون مؤنَّثاً تأنيثاً معنوياً، المؤنَّث المعنوي ما هو؟ ما حكمنا عليه بكونه مُؤنَّثاً، لكن بغير علامٍة، يعني: بغير اتِّصال تاء أو ألف، فكيف حكمنا عليه بكونه مؤنَّثاً مع عدم وجود العلامة؟ (عَلاَمَةُ التَّأْنِيثِ تَاءٌ) تاء تأنيث، (أَوْ أَلِفْ) بنوعيها، (وَفِي أَسَامٍ) لم تظهر فيها هذه العلامة لا التاء ولا الألف .. لم تتَّصِل بها، ولكن حكمنا عليها بكونها مؤنَّثاً والتأنيث معنوي، لماذا؟ قالوا: (قَدَّرُوا التَّا) يعني: التاء مُقدَّرة، ولذلك قلنا: كل تأنيث إنما يكون لفظياً فيما سبق .. الممنوع من الصَّرف، التأنيث لا يكون معنوياً، وإنما كله لفظي.

وحِينئذٍ: زينب، وسعاد، وكتف، وهند، نقول: هذا مؤنَّثٌ تأنيث لفظي، لماذا؟ لأنَّ التاء مُقدَّرة، وإذا كان كذلك فليس عندنا تأنيث معنوي.

(وَفِي أَسَامٍ) هذا جمع: أسماء، و (أسماء) جمع اسمٍ، فهو جمع الجمع، (وَفِي أَسَامٍ قَدَّرُوا) أي: العرب أو النُّحاة، (قَدَّرُوا التَّا) فيه، (كَالْكَتِفْ) قَدَّروا التاء فيما لا يعقل، (كَالْكَتِفْ) فيقال: كُتَيْفَة إذا صَغَّروه، من أين جاءت هذه التاء في التَّصغِير؟ قالوا: لأنَّ التاء فيه مُقدَّرة، فلذلك التصغير يَردُّ الأشياء إلى أصولها كالجمع.

حِينئذٍ يقال في (يد): يُدَيَّةٌ، وفي (عين): عُيَيْنَةٌ، وفي (أُذن): أُذَينَة، أذن، وعين، وكذلك: كتف، هذه ليست متَّصِلة بها علامة تأنيث .. التاء، لكن لَمَّا صُغِّرَت التَّصغير يرد الأشياء إلى أصولها، فحكمنا عليها بكونها مؤنَّثا تأنيثاً معنوياً.

(وَفِي أَسَامٍ قَدَّرُوا التَّا كَالْكَتِفْ) فتقول: كُتَيْفَة .. يُدَيَّة، وكذلك: عُيَينَة، وأُذينَة، كيف نعرف هذا التقدير .. كيف نعرف أنَّ العرب خَصَّت هذا اللفظ بتاءٍ مُقدَّرة؟ قالوا: (وَيُعْرَفُ التَّقْدِيرُ) يعني: تقدير التاء في الاسم بعلامات ظاهرة يُنطَق بها، منها الضمير .. عَوْد الضَّمير، إذا عاد الضمير على لفظٍ بالتأنيث وليس فيه تاء علمنا أنَّه مُؤنَّث، فتقول مثلاً كما قال تعالى: ((النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)) [الحج:72] فـ: (النَّارُ) مُؤنَّث، لأنَّ الضَّمير هنا عاد عليها بالتأنيث، كذلك: ((حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)) [محمد:4] لم يَقُل: (أوزاره) قال: (أَوْزَارَهَا) فدلَّ على أنَّ الحرب هنا مؤنَّثٌ تأنيثاً معنوياً.

((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)) [الأنفال:61] ما قال: (فَاجْنَحْ لَه) قال: (فَاجْنَحْ لَهَا)، ((وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)) [الشمس:1] .. ((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)) [الشمس:7] حِينئذٍ نقول: هذه الضمائر كلها تعود على اللفظ وهو مُجرَّدٌ من التاء، فدل على أنَّ التاء مُقدَّرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015