- والأخرى: أن يُحكى بها إعراب المسئول عنه فقط، فتقول لمن قال: قام رجل، أو رجلان، أو رجال، أو امرأة، أو امرأتان، أو نساء: (مَنُو) في الرَّفع، و (مَنَى) في النَّصب، و (مَنِي) في الخفض.

واللغة الأولى هي التي ذكرها النَّاظِم وهي الفصحى.

إذاً: يلزم حالةً واحدة، مثلما قلنا في: (أَيٍّ) قلنا: (أَيْ) هذه فيها لغةٌ أخرى ولم يذكرها النَّاظم، إلا إذا عمَّمنا قوله: (احْكِ بِأَيٍّ) وهي ملازمة (أَيٍّ) للإفراد، ثُم يسأل بها عن المذكَّر المفرد، والمذكَّر المؤنَّث والمجموع: أَيٌّ .. أَيٌّ .. أَيٌّ مُطلقاً، وإذا كان في المؤنَّث قلت: أيَّةٌ؟ تقول: جاء امرأة .. جاء امرأتان .. جاء نساءٌ، تقول: أيَّةٌ، في الكل.

مثلها: (مَنْ) لكن مع معاملتها معاملة المفرد، تقول: جاء رجالٌ، مَنُو؟ رأيت رجالاً، مَنَا؟ مررت برجالٍ، مَنِي؟ تبقى كما هي على أصلها في المفرد.

إذاً: فيها لغتان:

- إحداهما وهي الفصحى: أنْ يُحكى بها ما للمسئول عنه من إعراب وإفرادٍ وتذكير وفروعهما، وهي التي ذكرها الناظم فيما سبق.

- والأخرى: أنْ يُحكى بها إعراب المسئول عنه فقط، يقال في الجمع: (مَنُو) في الرَّفع، و (مَنَا) في النَّصب، و (مَنِي) في الجرِّ.

(مَنْ) تُخالف (أيًّا) في باب الحكاية في خمسة أشياء، يعني: الفرق بين (مَنْ) و (أيًّا):

- الأول: أنَّ (مَنْ) تَختصُّ بحكاية العاقل، فلا يُحكى بها غير العاقل، ولذلك إذا قيل: جاء حمارٌ، نقول: أيٌّ؟ ولا تقل: مَنُو؟ إلا إذا كان المراد به المَجاز، جاء حمار تقصد به رجل بليد، نقول: مَنُو؟ صَحَّ.

أنَّ (مَنْ) تَختصُّ بحكاية العاقل، و (أيٌّ) هذه عامةٌ في السؤال، يعني: تستعمل في العاقل وغيره.

- الثاني: أنَّ (مَنْ) تَختصُّ بالوقف، و (أَي) عامةٌ في الوقف وفي الوصل.

- الثالث: أنَّ (مَنْ) يَجب فيها الإشباع فيقال: مَنُو ومَنَا ومَنِي، بخلاف (أَيٍّ) .. (أَيُّ) ليس فيها إشباع: أَيٌّ .. أيًّا .. أَيٍّ.

- الرابع: أنَّ (مَنْ) يُحكى بها النَّكرة، ويُحكى بها بعد العَلَم، وهو الذي سيأتي معنا، و (أَيٌّ) تَختصُّ بالنكرة.

- خامساً: أنَّ ما قبل تاء التأنيث في (أَيٍّ) واجب الفتح: (أيَّةٌ) هذا واجب الفتح، تقول: (أيَّةٌ) و (أيَّتَان)، وفي: (مَنْ) يجوز الفتح والإسكان.

ثُم قال:

وَالْعَلَمَ احْكِيَنَّهُ مِنْ بَعْدِ مَنْ ... إِنْ عَرِيَتْ مِنْ عَاطِفٍ بِهَا اقْتَرَنْ

يعني: يُحكى العَلَم بـ: (مَنْ) على جهة الخصوص، وهذا من الفوارق بينهما.

(وَالْعَلَمَ) بالنَّصب على أنَّه مفعولٌ به منصوب على الاشتغال، (وَالْعَلَمَ) احْكِ العَلَم، (احْكِيَنَّهُ) فُهِم منه: أنَّ حركاته حركات حكاية، لأنَّه قال: (احْكِيَنَّهُ) دلَّ على أنَّ الحركة في العَلَم المحكي حركة حكاية، فإذا قلت: جاء زيدٌ، مَنْ زيدٌ؟ زيدٌ الرَّفع هنا رفع حكاية، حِينئذٍ مَنْ زيدٌ؟ (زيدٌ) هذا خبر.

وأنَّ إعرابه مُقدَّر وقد صَرَّح به في غير هذا الكتاب.

إذاً: (وَالْعَلَمَ احْكِيَنَّهُ) عرفنا أنَّ المراد بالحركة هنا حركة حكاية في العَلَم، وأطلق العَلَم فيشمل الكُنْيَة، ويشمل الاسم، ويشمل اللقب، واحترز به عن بقية المعارف، فلا يُحكى من المعارف إلا العَلَم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015