هذا هو الصحيح، وأجاز يونس إثبات الزوائد وصلاً، فتقول: مَنُو يا فتى؟ وتشير إلى الحركة (مَنَتْ) ولا تُنوِّن، وتَكْسِر نون المثنَّى، وتفتح نون المجموع، تُنوِّن (مَنَات) ضَمَّاً وكسراً، وهو مذهبٌ حكاه يونس عن بعض العرب، وحُمِل عليه قول الشاعر:

أتَوا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أَنْتُمْ ..

هنا في الوصل أثبت الواو وحَرَّك النون، وهذا شاذٌّ عند سيبويه والجمهور من وجهين:

- الأول: إثبات العلامة وصلاً، (مَنُون) الواو.

- الثاني: تحريك النون.

وهذا أشار إليه النَّاظِم بقوله: (وَنَادِرٌ مَنُونَ فِي نَظْمٍ عُرِفْ) وهذا البيت لتأبَّط شراً.

(نَادِرٌ) هذا خبر مُقدَّم، (مَنُونَ) مبتدأ مُؤخَّر، (عُرِفْ) .. (فِي نَظْمٍ عُرِفْ) .. (فِي نَظْمٍ) مُتعلِّق بقوله (نَادِرٌ): ومَنُون نَادِرٌ فِي نَظْمٍ عُرِفَ .. معروفٍ، فهو صفة لـ: (نَظْمٍ).

إذاً: لا يُقال (مَنُونَ) في الوصل، وإنَّما يؤتى بالأصل وهو: (مَنْ) .. من يا فتى؟ مُطلقاً، وأمَّا قوله هنا: (فَقُلْتُ مَنُونَ أَنْتُمْ) .. (أَنْتُمْ) نقول: هذا شاذٌّ يُحفظ ولا يُقاس عليه.

إذاً: ثَمَّ فرقٌ بين (مَنْ) و (أَيٍّ).

قال الشَّارح هنا: " وإن سئل عن المنكور المذكور بـ: (مَنْ) حُكِي فيها ما له من إعرابٍ " يعني: تُحرِّك نون (مَنْ) بحركة المسئول عنه، (حُكي فيها) .. في (مَنْ)، (ما له) الذي له .. المسئول عنه من إعرابٍ: إنْ كان ضَمَّة ضممت نون (مَنْ) .. إنْ كان فتحة فتحت .. كسرة كسرت.

وتُشْبَع الحركة التي على النون، يعني: تأتي بحرف مد من جِنْس الحركة: ضَمَّة واو .. فتحة ألف .. كسرة ياء، فيتولَّد منها حرفٌ مجانسٌ لها، ويُحكى فيها ما له من تأنيث وتذكير وتثنيةٍ وجمعٍ، ولا تفعل بها ذلك كُلَّه إلا وقفاً، أمَّا وصلاً فلا، فتقول لمن قال جاءني رجلٌ: مَنُو؟ ولمن قال رأيت رجلاً: مَنَا؟ ولمن قال مررت برجلٍ: مَنِي؟

وتقول في تثنية المذكر: (مَنَان) رفعاً، و (مَنَيْن) نصباً وجراً، وتُسَكَّن النون فيهما، فتقول لمن قال جاءني رجلان: مَنَان؟ ولمن قال رأيت رجلين: مَنَيْن؟ ولمن قال مررت برجلين: مَنَيْن؟ مُتوحِّد، وتقول للمؤنَّثَة: مَنَه؟ -أصلها تاء: (مَنَةٌ) هذا الأصل- رفعاً ونصباً وجراً، فإذا قيل: أتَتْ بِنْتٌ فقل: مَنَه؟ رفعاً، وكذا في الجرِّ والنَّصب.

وتقول في تثنية المؤنَّث: (مَنْتَان) رفعاً، و (مَنْتَيْن) جرَّاً ونصباً، بسكون النون التي قبل التاء، وسكون نون التثنية وقفاً، وقد ورد قليلاً فتح النون التي قبل التاء: (مَنَتَان) و (مَنَتَيْن)، وأشار إليه بقوله: (وَالْفَتْحُ نَزْرٌ).

وتقول في جمع المؤنَّث: (مَنَات) بالألف والتاء الزائدتين كـ: (هِنْدَات)، وإذا قيل: جاء نِسْوَة، قلت: مَنَات؟ وكذا يُفعل في الجرِّ والنَّصب، وتقول في جمع المذكر رفعاً: (مَنُونْ)، و (مَنِينْ) بكسر النون نصباً وجرَّاً بسكون النون فيهما، فإذا قيل: جاء قومٌ، تقول: مَنُون؟ وإذا قيل: مررت بقوم، أو: رأيت قوماً، فقل: مَنِين؟

هذا على اللغة الفصحى في (مَنْ) إذ (مَنْ) فيها لغتان:

- إحداهما وهي الفصحى: أنْ يُحكى بها ما للمسئول عنه من أعرابٍ وإفرادٍ وتذكيرٍ وفروعهما على ما تَقدَّم، هذه نفسها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015