السادس ولم يذكره النَّاظم: أنْ تَستعملَه معها لإفادة مَعنى: رابع ثلاثة، فتأتي بأربعة أَلفَاظ ولكن يكونُ الثالث مَنها دونَ ما اشتُقَّ منه الوَصفُ فتَقولُ: رَابعَ عَشْرة ثَلاثَةَ عَشَر، أجازه سيبويه ومَنَعه الجمهور، وعلى الجواز يَتعيَّن بالإجماع أنْ يكون التركيب الثاني في موضع خفضٍ.

ولك أنْ تَحذف العشرة من الأول: رابع عَشْرة ثلاثة عَشَر، احذف (عَشَر) من الأول، تقول: رابع ثلاثة عَشْرة، وليس لك مع ذلك أن تَحذف النَّيِّف من الثاني للإلباس، يعني: الصدر الثاني لا يُحذف كما هو الشأن في سابقه.

السابع: أن تستعمله مع العشرين وأخواته، حينئذٍ يكون مُتقدِّماً وتعطف عليه العقد بالواو ولا يُشتقُّ منه.

قال - رحمه الله تعالى -: (كَمْ، وَكَأَيِّنْ، وَكَذَا).

أي: هذا مبحثها، وهذه ثلاثة ألفاظ يُكنَى بِها عن العدد، العدد هناك صريح: ستة وسبعة وخمسة وثلاثة .. هذا عددٌ صريح، قد يُكنَى عن العدد ببعض الألفاظ، منها المشهور في لسان العرب: كم، وكأيٍّ، بالتنوين وقد لا يُكتب التنوين، في النُّطق تُنَوَّن: كأيٍّ، وكذا، إذاً: هذه ألفاظ يُكنَى بِها عن العدد، ولهذا أردف بها (باب العدد).

(كَمْ) هذا اسم مُبهم الجنس والمقدار، (كَمْ) تسأل عن أي شيء، إن كانت استفهاميَّة تستفهم عن ماذا، وإن كنت تخبر تُخبر عن ماذا، فهو في نفسه مبهم (كَمْ): كم طالباً نَجح؟ حينئذٍ نقول: (كَمْ) لوحدها مبهمة من حيث الجنس، ومن حيث المقدار.

(كَمْ) الرَّاجح عند الجمهور: أنَّها بسيطة، يعني: غير مُركَّبة، وذهب الكِسَائي والفَرَّاء إلى أنَّها مركَّبة .. مركبة من كاف التَّشبِيه، و (مَا) الاستفهاميَّة، وأنَّ ألف (ما) الاستفهاميَّة حُذِفت كما تحذف من قوله: (بِمَ) (عمَّ) تُحذف الألف، وسيأتي هذا في محله.

ثُمَّ سكنت الميم للتَّخفيف فقيل: (كَمْ) على كُلٍّ الصواب هو قول الجمهور: أنَّها بسيطة، يعني: غير مُركَّبة، وهي على قسمين: استفهاميَّة، وخبريَّه.

استفهامية بمعنى: أيُّ عددٍ، لأنَّها مُتضمِّنة معنى همزة الاستفهام ولذلك بُنيت، أيُّ عددٍ فالسؤال بِها عن كِميَّة الشيء، إذا أرَدْتَ أنْ تعرف كميَّة الشيء، أولاً: ما هو الشيء وما كميَّته؟ لأنَّ ثَمَّ أمرين:

الأول: جنس، والثاني: مِقْدَار، (كَمْ) تسأل عن شيء، ما هو الذي تسأل عنه؟ كتاب مثلًا .. جِنْس الكتاب وعدده، إذاً: تسأل عن كِميَّة الشيء، فيأتي المُميِّز كاشفاً عن هذه الحقيقة، إذاً: استفهاميَّة بِمعنى أيُّ عددٍ، فالسؤال بِها عن كِميَّة الشيء.

وخبرية، بمعنى: عدد كثير، هذه تُستعمل للافتخار، كم مالٍ ملكت؟ كثير .. يفتخر، وتُستعمل للافتخار والتكثير، إذاً: خبرية بِمعنى عدد كثير، وكُلٌّ منهما .. من الاستفهامية والخبرية يفتقر إلى تمييز.

قال النَّاظم:

مَيِّزْ فِي الاِسْتِفْهَامِ كَمْ بِمِثْلِ مَا ... مَيَّزْتَ عِشْرِينَ كَكَمْ شَخْصَاً سَمَا

(كَمْ) الاستفهاميَّة تُمَيَّز بِما ميَّزت به عشرين، وما هو تمييز العشرين؟ واحد، قال: بواحدٍ مفردٍ منكَّرٍ منصوب، إذاً: تمييز (كَمْ) يكون واحداً لا جمعاً .. مُنكَّراً لا معرَّفاً .. منصوباً لا مجروراً، لأنَّه قيَّده هنا قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015