مَيِّزْ فِي الاِسْتِفْهَامِ كَمْ بِمِثْلِ مَا ... مَيَّزْتَ عِشْرِينَ. . . . . . . . .

(مَيِّزْ) هذا فعل أمر والفاعل أنت، (فِي الاِسْتِفْهَامِ) متعلِّقٌ به، (كَمْ) مفعول به قُصِد لفظه، ميِّز كَمْ .. (كَمْ) مفعولٌ به لأنَّه مَحلٌّ للتمييز، (بِمِثْلِ) هذا مُتعلِّق بـ (مَيِّزْ)، ميِّز بِمثل ما ميَّزت .. بِمثل تمييز عشرين، فـ (مَا) يَحتمل أنَّها مصدريَّة، فتؤول مع ما بعدها بمصدر فيكون مضافاً إلى (مِثْلِ)، بِمثل تمييز عشرين.

ويَحتمل أنَّها موصولة، وحينئذٍ تكون مضافاً إليه وواقعة على تمييز العشرين، بِمثل تمييز ميَّزت به عشرين، فإذا جعلتها مصدريَّة حينئذٍ لا تَحتاج إلى عائد، وإذا جعلتها موصولة لا بُدَّ من التقدير: (مَيَّزْتَ عِشْرِينَ) مَيَّزت به عشرين، فَحُذِف العائد للعلم به.

(بِمِثْلِ مَا مَيَّزْتَ) به (عِشْرِينَ)، إذا جعلت (مَا) موصولة، (بِمِثْلِ مَا مَيَّزْتَ) به (عِشْرِينَ)، أي: مفرداً منصوباً، لأنَّه لم يُسمع إلا كذلك، فالعِلَّة في ذلك السَّمَاع، وَعُلِّل: أمَّا كونه مفرداً فلازمٌ مُطلقاً خلافاً للكوفيين، فإنَّهم يُجيزون جمعه مُطلقاً.

إذاً قوله: (بِمِثْلِ مَا مَيَّزْتَ عِشْرِينَ) ليس مَحلَّ وفاقٍ بين النُّحاة، بل هذا مذهب البصريين: أنَّ تَمييز (كَمْ) الاستفهامية يكون مُفرداً لا جَمعاً، وأمَّا الكوفيون فَجَوَّزوا أن يكون مُميّز (كَمْ) الاستفهامية جمعاً، خِلافاً للكوفيين فإنَّهم يُجيزون جمعه مُطلقاً، أي: سواءٌ أُرِيد به الأصناف أو لا: كم عبيداً مَلَكتَ؟ انظر! (عبيدًا مَلَكت) صارت استفهاماً .. يستفهم عن عدد العبيد.

وجاء بالتَّمييز هنا جمعاً: عبيداً، وهذا مُمتنع عند البصريين، يجعلونه حال. كم عبيداً مَلَكتَ؟ وجعله البصريون حالاً والتَّمييز محذوف، في مثل هذا التركيب إذا جاء بعد (كَمْ) الاستفهامية جمع وهو مُمتنع عند البصريين: كم عبيداً ملكت؟ قالوا: (عبيداً) هذا ليس بتمييز، التَّمييز محذوف، وإنَّما هذا حال.

والتَّمييز محذوف، أي: كم نفساً ملكت حالة كونهم عبيداً أي: مملوكين، وهذا فيه تكلُّف (كم نفساً) (نفساً) قدَّروا التمييز مفرد: كم نفساً ملكت حالة كونهم عبيداً؟ أي: مملوكين، (عبيداً) هذا كيف جعلوه حال وهو جامد؟ قالوا: أي مملوكين، ومذهب الأخفش التفصيل: إن كان السؤال عن الجماعات نحو: كم غلاماناً لك إذا أردت أصنافًا .. جماعات، المُراد به الأصناف، إن كان السؤال عن الجماعات يعني: الأصناف حينئذٍ جاز، كم غلاماناً لك إذا أردت أصنافاً، (الغلمان) قد يكون عجم وعرب ونحو ذلك.

حينئذٍ: إذا كان السؤال عن الأصناف جاز الجمع وإلا فكان مفرداً: كم غلماناً لك، إذا أردت أصنافاً من الغلمان جاز وإلا فلا، فالمعنى عليه: كم صنفاً من أصناف الغلمان استقروا لك، فالسؤال فيه عن عدد أصناف الغلمان، لا عن عدد آحادهم.

إذاًَ: تمييز (كَمْ) النَّاظم حكم بكونه مُفرداً خلافاً للكوفيين المطلقين بأنَّه يكون جمعاً، وخلافاً للأخفش المُجوِّز أن يكون جمعاً إذا أُريد به الأصناف .. الجماعات دون غيره، وأمَّا النَّصب، لماذا منصوب؟ قالوا: النصب فيه ثلاثة مذاهب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015