ويُستعملان أيضاً مع عشرين وأخواتها: حادي وتسعون، وحاديةٌ وتسعون، وأشار بقوله: (وَقَبْلَ عِشْرِينَ) البيت إلى أنَّ فَاعِلاً المصوع من اسم العدد يُستعمل قبل العقود ويعُطف عليه العقود، نَحو: حادي وعشرون، وتاسعٌ وعشرون إلى التسعين، وتعربه هو والسابق على أصله: تاسعٌ إمَّا أن يكون نعتاً .. إمَّا أن يكون مفعولاً به إلى آخره، و (الواو) حرف عطف، و (عشرون) يأخذ حكم ما سبق، مثل: جاء زيدٌ وعمروٌ .. زيدٌ وعمروٌ .. تاسعٌ وعشرون مثله، يعني: (زيد) على حسب موقعه من الإعراب، و (الواو) حرف عطف، و (عشرون) هذا مثل: عمرو .. معطوف على سابقه، قد يكون منصوباً وقد يكون مجروراً.
وقوله: (بِحَالَتَيْهِ) معناه: أنه يُستعمل قبل العقود بالحالتين اللتين سبقتا، وهو أنْ يُقال: (فاعل) في التذكير، و (فاعلة) في التأنيث.
إذاً: هذا ما يَتعلَّق بالعدد إذا كان مصوغاً على زِنَة (فاعل).
وخلاصة هذه الأبيات الأخيرة ما كان على زِنَة (فاعل) أنْ يُقال: لك في اسم الفاعل أنْ تستعمله بحسب المعنى الذي تريده على سبعة أوجه، كلها منظومة إلا واحد .. ترتيبها فقط:
الأول: أنْ تَستعمله مُفرداً: ثالثٌ .. رابع، ثالثةٌ .. رابعةٌ، تستعمله مُفرداً ليفيد الاتِّصاف بمَعْناه مُجَرَّدَاً، فتقول: ثالثٌ ورابعٌ.
الثاني: أنْ تَستعملَهُ مع أصلِهِ الذي اشْتُقَّ مِنه: (ثالث) هذا مُشتق من ثلاثة، تَستَعملُه مع أصله ليُفيدَ أنَّ المَوْصُوفَ به بَعْضُ تعلك العِدَّة المُعيَّنَة لا غَير، فتقول: خامس خمسةٍ، أي: بعض جماعةٍ مُنحَصِرةٍ في خَمسة، ولذلك: بَعْضٍ بَيِّنِ كما قال هنا، ويجب حينئذٍ إضَافتُهُ إلى أصلِهِ كما يجبُ إضَافة البَعضِ إلى الكل.
الثالث: أن تَستعملَهُ مَع مَا دُونَ أصلِه، يعني: أصله الذي اشتُقَّ منه: (ثالث) اشْتُقَّ من ثلاثة، إذاً: تستعمله لا مع ما اشتق منه كما هو الثاني، وإنَّما تَستعمله مع دون ما اشْتُقَّ منه، الذي هو دونه .. أسفل منه، فـ: (ثالث) دونه اثنان، فتقول: ثالث اثنين. مع ما دون أصله ليُفِيد معنى التَّصيير والجعل، فتقول: هذا رابع ثلاثةٍ، أي: جاعل الثَّلاثة بنفسه أربعةً، ويجوز حينئذٍ إضافته وإعْمَاله كما يجوز الوجهان في: جاعل ومُصيِّر ونَحوهما، يعني: اللفظ نفسه (جاعل) .. (صَيَّر) .. (صار) هذا يجوز فيه الوجهان، لأنه اسم فاعل.
ولا يُستَعمَل بهذا الاستعمال: (ثانٍ) كما ذكرناه، فَلا يُقالُ: ثاني واحدٍ، ولا ثانٍ واحداً، لا بالإضافة ولا بالنَّصب.
الرابع: أن تستعْمِلَهُ مع العَشْرَة ليُفيدَ الاتِّصَاف بِمعْناه مقيَّداً بِمصاحبة العَشْرَة، إنْ أُريد به البعض صار مثل: ثاني اثنين، وإن أُريد به جاعل ما دونه مساوياً له صار مثل: ثالث اثنين، فتقول: حادِي عَشَر بتذكيرهما، وحاديةَ عَشْرةَ بتأنيثهما وكذا البواقي، تُذَكِّرُ اللَّفظَين مع المُذكَّر وتُؤَنِّثُهما مع المُؤنَّث، ولذلك تقول: الجزء الخامس عَشَر، والقصيدة الخامسة عَشْرة.
الخامس: أن تستعمِلَهُ معَها ليُفِيد معنى: ثاني اثنين، وهو انْحصار العدة فيما ذُكِر على الأوجه الثلاثة المذكورة في النَّظم.