إذاً: يُقتصر على الأول لكن على الحذف، ابن عقيل هنا يقول في الصورة الثالثة: " أنْ يُقتصر على المركَّب الأول باقياً على بناء صدره وعجزه، نحو: هذا ثالث عَشَر " ظاهره: أنَّك تَحذِف الثاني مباشرة ويبقى على الأول، وليس هذا كلام النُّحاة هنا.
إذاً: أن يُقتصر على المركب الأول باقياً على بناء صَدْرِه وعَجُزه، نحو: هذا ثالثَ عَشر، وحَذفت الثاني، وثالثةَ عَشْرة وإليه أشار بقوله:
وَشَاعَ الاِسْتِغْنَا بِحَادِيْ عَشَرَا ... وَنَحْوِهِ. . . . . . . . . . . . . . . . .
أي: ثاني عَشَر إلى تاسع عَشَر، وفي التأنيث حادية عَشْرة إلى تاسعة عَشْرة، فتُذكِّر اللفظين مع المذكر، وتؤنِّثهما مع المؤنَّث.
ثُمَّ قال: "ولا يُستعمل فاعلٌ من العدد المركَّب للدَّلالة على المعنى الثاني، وهو أن يُراد به جعل الأقلِّ مساوياً لِمَا فوقه" جماهير البصريين والكوفيين على المنع، فلا يُقال: رابع عَشَر ثلاثة عَشَر، كما تقول: رابع ثلاثة .. ثالث اثنين، مُصَيِّر الثلاثة أربعة، رابع ثلاثةٍ، يعني: جاعل الثلاثة أربعة. وكذلك الجميع ولهذا لم يذكره المصنف واقتصر على ذكر الأول، لكن هذا مذهب جماهير النُّحاة البصريين والكوفيين.
وأمَّا مذهب سيبويه فإنَّه يُجوِّز ذلك، ولك حينئذٍ في ذلك وجهان: أن تأتي بمركبين صدر أولهما أكبر من صدر ثانيهما بواحد: ثالث اثنين، الأول أكبر من الثاني بواحد، لأنك تريد به مُصيِّر الاثنين ثلاثةً، إذاً: المُركَّب مثله تعامله معاملة ثاني اثنين، فتقول: رابع عَشَر ثلاثة عَشَر، ويجب في هذا الوجه إضافة المركَّب الأول إلى المركَّب الثاني، وهذا كالسابق (فَجِئْ بِتَرْكِيبَينِ).
الوجه الثاني: أن تَحذِف عَجُز المركَّب الأول، فتقول: رابع ثلاثة عَشَر، لأنَّه لَمَّا زال التركيب عاد إلى أصله وهو الإعراب، فيجوز لك في هذا الوجه إضافة الأول إلى الثاني، وتنوين الأول ونصب الثاني مَحلاً به، يعني: أنَّه يُعامل معاملة ضاربُ زيدٍ وضاربٌ زيداً كما سبق.
قلنا:
وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا ... فَوْقُ فَحُكْمَ جَاعِلٍ. . . . . . . . . .
إذاً: يجوز فيه وجهان، هذا مثله تقول: رابعٌ ثلاثة عَشَر .. رابعُ ثلاثة عَشَر، يجوز فيه الوجهان، كما تقول: ضاربُ وضاربٌ.
قال هنا الشَّارح: " (وحادي) مقلوب واحد، (وحادية) مقلوب واحدة " لذلك نَصَّ النَّاظم على حادي دون غيره لزيادة فائدة، وإلا لا علاقة له هنا بهذا وإنَّما يُذكر في فن الصَّرف. جعلوا فاءهما بعد لامهما، هذا يُسمونه قلب مكاني، ولا يُستعمل (حادي) إلا مع عَشَر، ولا تستعمل (حادية) إلا مع عَشْرة مُذكَّر ومؤنَّث.