أما عند المتأخرين فيشمل اثني عشر فناً، لكن أهم علوم العربية فلا ينزع اثني عشر فناً: النحو والصرف والبلاغة، وإذا أخذ شيئاً من العروض من أجل أن يحسن قراءته وهذا شيء جيد، فحينئذٍ نقول: العلم: علم النحو الشامل للصرف يعرف بأنه: علم بأصول يعرف بها أحوال الكلم إفراداً وتركيباً، هذا الذي عنها ابن رحمه الله تعالى بقوله:
مقاصد النحو، فهو علم بأصول يعرف بها أحوال الكلم إفراداً وتركيباً، إفراداً: كالإعلال والإدغام والحذف والإبدال، وهذا هو فن الصرف والتصريف، أو تركيباً كحركات الإعراب والبناء وهذا هو فن النحو عند المتأخرين.
فقوله: إفراداً: لا ينظر في هذه الكلمة بعد التركيب من مسند ومسند إليه، يعني: ليس النظر هنا في كونه مبتدأً أو فاعلاً أو نائب فاعل أو خبراً لا، لا ينظر إليه، وإنما ينظر إلى جوهر الكلمة قبل تركيبها، وأما الكلمة قبل التركيب فهذه في الأصل لا توصف بكونها مبنية ولا معربة، يعني: زيد لوحدها لا تقل: زيد هكذا إلا من باب التعليم، وإلا تقول: زيد بالإسكان؛ لأن زيدٌ معناه: أنك أعربتها؛ لأن هذه الضمة ضمة إعراب، فإذا كان كذلك أين العامل؟ ليس لها عامل، أنت لم تركبها بعد .. لم تسندها إلى غيرها، فإذا قلت: زيٌد أخطأت، وإنما تقول: زيد؛ لأن الكلمة قبل تركيبها على الصحيح فيها ثلاثة أقوال:
قيل معربة، وقيل مبنية، وقيل لا معربة ولا مبنية، وهذا رأي ابن مالك وهو أرجح، أنها لا توصف بإعراب ولا بناء.
وأما بعد التركيب حينئذٍ ينظر إليها من جهة الإسناد وعدمه.
وأما في اصطلاح المتأخرين: فالنحو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعراباً وبناءً أفردنا إفراداً هذا صار علماً مستقلاً وهذا أجود للطالب وأسهل أن يدرس الصرف على جهة الخصوص، ثم يدرس بعد ذلك النحو على جهة الخصوص، إذاً علم بأصول يعرف بها أحوال الكلم إفراداً وتركيباً هذا من جهة شموله لفن الصرف أو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعراباً وبناءً هذا على جهة خصوص النحو مع إخراج فن الصرف وهذا هو النحو عند المتأخرين.
علم بأصول: المراد بالأصول هنا: القواعد العامة التي يقعدها النحاة كقولهم: الفاعل مرفوع، والمفعول به منصوب، والمضاف إليه دائماً مجرور، والمضاف بحسب العوامل، والمبتدأ لا يكون إلا اسماً ولا يكون إلا مرفوعاً، والخبر يكون مفرداً ويكون جملةً وأحكام الضمائر والمعارف ونحو ذلك كل أبواب النحو وما يستخلص من قواعد نتيجة البحث في ذلك الباب يسمى: قاعدة، ويسمى: أصلاً ويسمى: ضابطاً ويسمى: أساساً، فهذه كلها مترادفة من حيث الاصطلاح وإن كانت متباينة من حيث المعاني اللغوية.
علم بأصول: ما المراد بالعلم؟ إما أن يفسر بمعنى: الإدراك، وإما أن يفسر بمعنى: الملكة وهي هيئة راسخة في النفس تكون نتيجة عن المطالعة وضبط ودربة العلم ونحو ذلك، وإما أن يفسر بالمسائل التي هي فروع القواعد ثلاثة أقوال في تفسير العلم ولكن هنا لا يمكن تفسيره بالقواعد؛ لأننا فسرنا الأصول بماذا؟ بالقواعد كيف قواعد بقواعد؟ وإنما يفسر بالإدراك والإدراك: هو المعنى اللغوي لمعنى العلم:
العلم إدراك المعاني مطلقاً ... وحصره في طرفين حققا