ثُمَّ إنْ كانت صفةً فبموصوفها المنوي لا بها، وعليه يُخَرَّج قوله تعالى: ((فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)) [الأنعام:160] (عَشْرُ) بترك التاء مع (أَمْثَالِهَا)، و (أَمْثَال) جمع (مِثْل) وهو مذكَّر، وإنَّما يُراعى فيه هنا المنعوت الـ؟؟؟ وأمَّا العَلَم فعندهم لا يُراعى من حيث اللفظ، وإنَّما يُنظر فيه إلى المعنى، الأعلام يُنظر فيه إلى المعنى، فما كان مَختوماً بالتاء حينئذٍ يُؤنَّث له أو يُذكَّر .. العَلَم المذكَّر إن كان اتصلت به التاء، يؤنَّث له العدد أو يذكَّر؟ يؤنَّث نعم، ولذلك يُقال: ثلاثة الطَّلحات، أنَّثوا له العدد باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ.

وقالوا: خمس الهندات، (هندات) جمع (هند) وهو مُؤنَّث من حيث اللفظ ومن حيث المعنى، أو هو مشترك لكنَّه غلب استعماله في الإناث، حينئذٍ قالوا: خمس الهندات، باعتبار المعنى، لأنَّ مَصْدَق (هند) مؤنَّث، فذكَّروا له العدد، وإذا كان المعدود فيه لغتان حينئذٍ جاز الوجهان، تجريد اللفظ .. الاسم العدد من التاء واتِّصال التاء فتقول: ثلاث أحوالٍ، وثلاثة أحوالٍ.

. . . وَالْمُمَيِّزَ اجْرُرِ ... جَمْعَاً بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ

قلنا: المُراد بالجمع هنا: جمع التكسير، وبالقلَّة: الأربعة الأوزان، وقوله: (فِي الأَكْثَرِ) هذا يعود إلى النوعين: الجمع، فقد لا يكون جمع تكسير، و (بِلَفْظِ قِلَّةٍ) .. (الأَكْثَرِ) أن يكون بلفظ قلةٍ، وقد لا يكون بلفظ القِلَّة.

وذكرنا أن جمع التكسير على ثلاثة أنحاء، لأنَّه: إمَّا جمع قِلَّة، وإمَّا جمع كثرة، قد يكون لجمع التكسير جمع قِلَّة فقط، ولم يُسمع فيه جمع كثرة، وقد يكون بالعكس، وقد يكون له الجمعان.

متى نقول: (فِي الأَكْثَرِ)؟ إذا كان له جمعان: جمع قلَّة، وجمع كثرة، حينئذٍ نقول: الأفصح والأكثر: أن يُضاف اسم العدد إلى جمع قِلَّة، ولا نضيفه إلى جمع الكثرة هذا الفصيح وهذا الأكثر، إن لم يكن له إلا جمع قِلَّة فلا محال أنَّه يُضاف إلى جمع القِلَّة، وإن لم يكن له إلا جمع كثرة فلا محال أن يُضاف إلا إلى جمع الكثرة.

فتمييز الثلاثة إلى العشرة يكون جمعاً مُكَّسَّراً من أبنية القِلَّة، وقد يتخلف كل واحدٍ من هذه الثلاثة فيضاف للمفرد وذلك إن كان (مائةً) نحو: ثلاث مائةٍ وسبعمائة، وشَذَّ في الضرورة قوله:

ثَلاَثُ مِئِينٍ لِلْمُلُوْكِ وَفَى بِهَا ..

ويُضاف لجمع التَّصحيح في ثلاث مسائل -احترازا من جمع التكسير-، قد يضاف إلى جمع التَّصحيح – وهذه نسينا أن ننبه عليها بالأمس - يضاف إلى جمع التَّصحيح في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: أن يُهمل تكسير الكلمة، يعني: لا يُسمع في لسان العرب أنَّهم كسَّروا الكلمة، يعني: ما حُفظ لها جمع تكسير، نحو: سَبْعَ بَقَرَاتٍ .. سَبْعَ سَمَوَاتٍ .. خمس صلوات، (صلوات .. صلاةٌ) جُمع بألفٍ وتاء، هل سُمع جمع تكسير للصلاة؟ ما سُمع، ليس عندنا إلا (صلوات) وهو جمع تصحيح، هو جمع تصحيح (صلوات)؟ نعم، جمع مؤنَّث سالم يُسمَّى: جمع التصحيح، كذلك: بقرات جمع بقرة، لم يُسمع تكسيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015