أي: عشر حسناتٍ، إذاً: هنا صفة فبموصوفها المنوي روعي العدد فَذُكِّر مع الأمثال، وتقول: ثلاثة دوابٍّ، إذا قصدت ذكوراً، لأنَّ الدَّابة صفة في الأصل، وثلاث دوابٍّ، إذا قصدت إناثاً، ولا يُعتبر لفظ المفرد إن كان علماً، فتقول: ثلاثة الطَّلحات، سبق أنَّ (طلحة) يُجمع بواوٍ ونون باعتبار المعنى، وهذا من المآخذ على مذهب البصريين هناك، لأنَّه قد وقع نوع تعارض.
هناك راعوا المعنى فقالوا: لا يُجمع بألفٍ وتاء، وإنَّما يُجمع بواوٍ ونون، يعني: احترزوا باتِّصال التاء هناك .. بألا يكون متَّصلاً بالتاء من نحو: طلحة وحمزة، قالوا: لا يُجمع بواوٍ ونون لأنَّه مؤنَّث، وهنا راعوا المعنى، وهناك لم يُراعوا المعنى، قَدَّموا اللفظ هنا على المعنى، وهناك قَدَّموا المعنى على اللفظ، واللفظ واحد هو: طلحة وحمزة، فكيف يُراعى جانب التذكير هنا، ويُراعى جانب التأنيث هناك؟ ولا شَكَّ أنَّ المعنى أقوى من اللفظ، وخاصَّةً إذا اعتبرنا التاء هذه تاء تأنيث فهي في نية الانفصال، هذا محل إشكال عند البصريين، ولذلك قلنا الصواب هناك: أنَّه يُجمع بواوٍ ونون: طلحون وحمزون، ولا إشكال موافقةً لمذهب الكوفيين.
قالوا هنا: لا يُعتبر لفظ المفرد إن كان عَلَماً نحو: ثلاثة الطَّلحات، وخمسٌ الهندات، فهنا اعْتُبِر معنى المفرد لا لفظه، فتقول: ثلاثة الطَّلحات، الأصل: ثلاث الطَّلحات، لأنَّ (الطَّلحات) هذا جمعٌ واحده (طَلْحَة) وهو مؤنَّث من حيث اللفظ، الأصل: ثلاث الطَّلحات، قالوا: لا، هنا نُراعي المعنى، لأنَّ (طلحة) مُسمَّاه مُذكَّر.
كذلك يُقال: خمسٌ الهندات، (هندات) جمع (هند)، و (هند) في اللفظ مؤنَّث، حينئذٍ قالوا: خمس الهندات، وهذا غريب عندهم، فهنا اعْتُبِر معنى المفرد لا لفظه.
وإذا كان في المعدود لغتان: التذكير والتأنيث كالحال، لفظ الحال قلنا: هذا يُذكَّر ويُؤَنَّث، حالٌ حسنٌ، وحالٌ حسنةٌ، حينئذٍ جاز الحذف والإثبات تقول: ثلاث أحوالٍ، وثلاثة أحوال، يجوز فيه الوجهان.
إذاً: القاعدة عندهم في قوله (مَا آحَادُهُ): النظر إلى الواحد إن كان اسماً حينئذٍ يُنظر إلى اللفظ: ثلاثة أشخُص، ننظر إلى اللفظ (شخص) فهو مُذكَّر حينئذٍ نؤنِّث العدد، ولو كان مُسمَّى الشَّخص مؤنَّثاً، ثلاثة أنفس، ننظر إلى اللفظ واحده (نفسٌ) فنُذكِّر اسم العدد لكون هذا مؤنَّثاً هذا هو الأصل، ولو كان مُسمَّاه مذكَّراً، فلا ننظر إلى المعنى في الأصل، ويَجوز اعتبار المعنى لكنَّه فرع إمَّا بغلبة استعمال، وإمَّا بقرينةٍ أخرى كما ذكرناه.